الأحد، 30 أغسطس 2015

الحديث الخامس والثلاثين من الأربعين النووية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٣٥)من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:

من نفّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه.

(رواه مسلم بهذا اللفظ)



📖✒الشرح


 ✏قوله: "مَنْ نَفسَ" أي وسع.

✏"عَنْ مُؤمِنٍ كُربَةً" الكربة ما يكرب الإنسان ويغتم منه ويتضايق منه.


 ✏"مِنْ كُربِ الدنيَا" أي من الكرب التي تكون في الدنيا

👈"كربة" هذا فيه إطلاق، يعني: أي كربة من كرب الدنيا، فيدخل في ذلك الكرب النفسية، والكرب العملية، وما يدخل تنفيسه في الكلمة الطيبة، وما يدخل تنفيسه في المال، وما يدخل تنفيسه في بذل الجاه ....إلى آخره، فتنفيس الكربة عام، والكرب هنا أيضا عامة، فمن نفس عن مؤمن كربة بأن يسر له السبيل إلى التخلص منها، أو خفف عليه من وطأة الكربة والشدة والضيق الذي أصابه، كان جزاؤه عند الله جل جلاله من جنس عمله، لكن في يوم هو أحوج إلى هذا التنفيس من الدنيا؛ ولهذا كان الثواب
 👈
  ✏"نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القيامَة" الجزاء من جنس العمل من حيث الجنس،تنفيس وتنفيس،لكن من حيث النوع يختلف اختلافاً عظيماً،فكرب الدنيا لا تساوي شيئاً بالنسبة لكرب الآخرة،فإذا نفس الله عن الإنسان كربة من كرب الآخرة كان ثوابه أعظم من عمله

 ✏"وَمَنْ يَسَّرَ" أي سهل.

✏"عَلَى مُعسَر" أي ذي إعسار كما قال الله تعالى:  (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة)(البقرة: الآية280)

✏"يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَة" ويشمل هذا التيسير تيسير المال،وتيسير الأعمال، وتيسير التعليم وغير ذلك،أي نوع من أنواع التيسير.

 ✒وهنا ذكر الجزاء في موضعين:

 👈الأول:في الدنيا،

👈والثاني:في الآخرة.


✏"وَمَنْ سَتَرَ مُسلِمَاً" أي أخفى وغطى،، والمقصود ستر مسلماً ارتكب ما يعاب. إما في المروءة والخلق ،وإما في الدين والعمل

👈ويحث الحديث على ستر عيوب المسلمين ، وعدم تتبع أخطائهم وزلاتهم ، وذلك لون آخر من الأخلاق الفاضلة التي تكلّلت بها شريعتنا الغرّاء ، فالمعصوم من عصمه الله ، والمسلم مهما بلغ من التقى والإيمان فإن الزلل متصوّر منه ، فقد يصيب شيئاً من الذنوب ، وهو مع ذلك كاره لتفريطه في جنب الله ، كاره أن يطلع الناس على زلَله وتقصيره ، فإذا رأى المسلم من أخيه  هفوة فعليه أن يستره ولا يفضحه ، دون إهمال لواجب النصح والتذكير
وجزاء ذلك ما ورد في الحديث، "سَتَرَهُ الله في الدنيا والآخرة،،


✏"وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أخيهِ" يعني أنك إذا أعنت أخاك كان الله في عونك كما كنت تعين أخاك.


🌿 الحث على معونة أخيك المسلم، ولكن هذا مقيد بما إذا كان على بر وتقوى،لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة: الآية2) أما على غير البر والتقوى فينظر: إن كان على إثم فحرام،لقوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: الآية2)


👈وإن كان على شيء مباح فإن كان فيه مصلحة للمعان فهذا من الإحسان،وهو داخل في عموم قول الله تعالى: ( وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

✏"وَمَنْ سَلَكَ طَريقَاً" أي دخله ومشى فيه.

✏"يَلتَمِسُ فيهِ عِلمَاً" أي يطلب علماً.

✏"سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَريقَاً إِلَى الجَنَّةِ" يعني سهل الله له هداية التوفيق بالطريق إلى الجنة، والمراد بالعلم هنا علم الشريعة وما يسانده من علوم

👈 إطلاق الطريق الموصل للعلم، فيشمل الطريق الحسي الذي تطرقه الأقدام، والطريق المعنوي الذي تدركه الأفهام.

👈الطريق الحسي الذي تطرقه الأقدام: مثل أن يأتي الإنسان من بيته إلى مسجده، أو من بيته إلى حلقة علم في أي مكان.

👈أما الذي تدركه الأفهام: فمثل أن يتلقى العلم من أهل العلم، وهو في منزله أو يطالع الكتب،أوأن يستمع إلى الأشرطة وما أشبه ذلك فسبحان الله هذا من فضل الله علينا يعني أنت أختاه الآن تسلكين طريقا تلتمسين به علما استحضري نيتك واحتسبي أجرك فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء

✏وبيوت الله هي المساجد، فإن المساجد هي بيوت الله عزّ وجل،كما قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:37،36].

✏"يَتلونَ كِتَابَ الله" أي يقرؤونه لفظاً ومعنى.

✏أما اللفظ فظاهر،وأما المعنى : فالبحث في معاني القرآن.

✏"وَيَتَدَارَسونَهُ بَينَهُم" أي يدرس بعضهم على بعض هذا القرآن.

 ✏"إِلا نَزَلَت عَلَيهم السَّكينَة" أي طمأنينة القلب،وانشراح الصدر.

✏"وَغَشيَتهم الرَّحمَة" أي غطتهم، والرحمة هنا يعني رحمة الله عزّ وجل.

✏"وَحَفَّتهُم المَلائِكة" أي أحاطت بهم إكراماً لهم.

✏"وَذكرهُم اللهُ فيمَن عِنده" أي أن هؤلاء القوم الذين اجتمعوا في المسجد يتدارسون كلام الله عزّ وجل يذكرهم الله فيمن عنده،وهذا كقوله تعالى في الحديث القدسي: "من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" فإذا ذكرت الله في ملأ بقراءة القرآن أو غيره فإن الله تعالى يذكرك عند ملأ خير من الملأ الذي أنت فيهم.

✏ وَمَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرع بِهِ نَسَبُهُ  بطأ: بمعنى أخَّر، والمعنى: من أخره العمل لم ينفعه النسب،لقوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )(الحجرات: الآية13)      

الحديث الرابع والثلاثين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٣٤)من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :

لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يكذبه ولا يحقره، التقوى ههنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه.

(رواه مسلم)


الشرح



📖قوله: "لا تَحَاسَدوا" أي لا يحسد بعضكم بعضاً. 👈وما هو الحسد؟

🍃قال بعض أهل العلم:الحسد تمني زوال نعمة الله عزّ وجل على الغير، أي أن يتمنى أن يزيل نعمته على الآخر،سواء كانت النعمة مالاً أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك.

🌿فإن الحسد في حقيقته تسخّط على قضاء الله وقدره ، واعتراضٌ على تدبير الله وقسمته للأرزاق والأقوات ، وهذه جناية عظيمة في حق الباري تبارك وتعالى ،


🌴وقد قال بعضهم : ألا قل لمن ظل لي حاسـد....    أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في حكمه ....   لأنك لم ترض لي مــا وهب

 🍂وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - الحسد:كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمن الزوال.


 📚ومن المعلوم أن من لازم الكراهة أن يتمنى الزوال،لكن كلام الشيخ-رحمه الله - أدق، فمجرد ما تكره أن الله أنعم على هذا الرجل بنعمة فأنت حاسد.

📚 ومما جاء النهي عنه في الحديث : النجش ، وأصل النجش : استخدام المكر والحيلة ، والسعي بالخديعة لنيل المقصود والمراد ، ولا شك أن هذا لون من ألوان الغش المحرم في الشرع ، والمذموم في الطبع ، إذ هو مناف لنقاء السريرة التي هي عنوان المسلم الصادق ، وزد على ذلك أن في التعامل بها كسرٌ لحاجز الثقة بين المؤمنين .

👈 والنجش لفظة عامة ، تشمل كل صور المخادعة والتحايل ، لكن أشهر صورها النجش في البيع ، ويكون ذلك إذا أراد شخص أن يعرض سلعة في السوق رغبةً في بيعها ، فيتفق مع أشخاص آخرين ، بحيث يُظهرون للمشتري رغبتهم في شراء هذه السلعة من البائع بسعر أكبر ، مما يضطر المشتري إلى أن يزيد في سعر السلعة ، فهذا وإن كان فيه منفعة للبائع فهو إضرار بالمشتري وخداع له .

👈مثال ذلك:عرضت سلعة في السوق فسامها رجل بمائة ، هذا الرجل السائم تعدى عليه رجل آخر وقال:بمائة وعشرة قصده الإضرار بهذا السائم وزيادة السعر فهذا النجش

📚قال: "وَلا تَبَاغَضوا" أي لا يبغض بعضكم بعضاً ، والبغضاء لا يمكن تعريفها، تعريفها لفظها:كالمحبة والكراهة، والمعنى: لا تسعوا بأسباب البغضاء. وإذا وقع في قلوبكم بغض لإخوانكم فاحرصوا على إزالته وقلعه من القلوب.

🔴"وَلا تَدَابَروا" إما في الظهور بأن يولي بعضكم ظهر بعض،فهذا من سوء الأدب أولا تدابروا في الرأي، بأن يتجه بعضكم ناحية والبعض الآخر ناحية أخرى.وفي هذا أمر بتأليف القلوب والاجتماع على كلمه واحده


🌴"وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ" مثال ذلك:رأيت رجلاً باع على آخر سلعة بعشرة،فأتيت إلى المشتري وقلت: أنا أعطيك مثلها بتسعة،أو أعطيك خيراً منها بعشرة،فهذا بيع على بيع أخيه، وهو حرام.

🌿"وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوانَاً" أي صيروا مثل الإخوان،ومعلوم أن الإخوان يحب كل واحد منهم لأخيه ما يحب لنفسه. وقوله: "عِبَادَ اللهِ" جملة اعتراضية،المقصود منها الحث على هذه الإخوة . 🌱ثم قال: "المُسلِمُ أَخو المُسلِمِ" أي مثل أخيه في الولاء والمحبة والنصح وغير ذلك

. 📚" لاَ يَظلِمهُ" أي لا ينقصه حقه بالعدوان عليه، أو جحد ما له ، سواء كان ذلك في الأمور المالية ،أو في الدماء،أو في الأعراض، في أي شيء.

🌴" وَلاَ يَخذُلُهُ" أي لا يهضمه حقه في موضوع كان يحب أن ينتصر له. مثاله:أن يرى شخصاً مظلوماً يتكلم عليه الظالم، فيقوم هذا الرجل ويزيد على الذي يتكلم عليه ولا يدافع عن أخيه المخذول ، بل الواجب نصر أخيه

📚 ولا يكذبه  أي لا يخبره بالكذب، الكذب القولي أو الفعلي 👈القولي أن يخبره حصل كذا وكذا وهو لم يحصل

👈الفعلي أن يبيع له سلعه مدلسه بأن يظهر هذه السلعه وكأنها جديدة فيقول له انها جديده ويكذب عليه

🌿" وَلاَ يَحْقِرُهُ" أي لا يستصغره، ويرى أنه أكبر منه، وأن هذا لا يساوي شيئاً,فلا تعلم قد تستحقره وهو له شأن عند الله فلقد بين ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم 👈 قال النبي صلى الله عليه وسلم "رُبَّ أَشعَثَ أَغبَرَ مَدفوعٌ بالأَبوابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ

 📚ثم قال: "التَّقوى هَاهُنا" يعني تقوى الله عزّ وجل في القلب وليست في اللسان ولا في الجوارح،وإنما اللسان والجوارح تابعان للقلب. "وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاثَ مِرَاتٍ"  يعني قال: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، تأكيداً لكون القلب هو المدبر للأعضاء. ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَة إِذَا صَلحَت صَلحَ الجَسَد كُلهُ،وَإِذا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُهُ أَلاَ وَهِيَ القَلب" . ثم قال: "بِحَسبِ امرُىءٍ مِنَ الشَّرِّ"  وهذه الجملة تتعلق بقوله: "وَلا يحَقِرَهُ" أي يكفي الإنسان من الإثم أن يحقر أخاه المسلم، لأن حقران أخيك المسلم ليس بالأمر الهين.


 🔴"كُل المُسلِم عَلَى المُسلِم حَرَام"  ثم فسر هذه الكلية بقوله: "دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ"  يعني أنه لا يجوز انتهاك دم الإنسان ولا ماله ولا عرضه،كله حرام.



🌿فإن هذا الحديث عظيم فهو يهدف إلى رعاية الإخاء الإسلامي ، وإشاعة معاني الألفة والمحبة ؛ حتى يسلم أفراد المجتمع من عوامل التفكك وأسباب التمزق، فتقوى شوكتهم ، ويصبحوا يدا واحدة على أعدائهم ؛ فالمؤمن ضعيف بنفسه ، قوي بإخوانه ،


📚ومن هنا جاء التوجيه في محكم التنزيل بالاعتصام بحبل الله ، والوحدة على منهجه ، ونبذ كل مظاهر الفرقة والاختلاف ، يقول الله عزوجل في كتابه : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } ( آل عمران : 103 ) .


🌴ولن تبلغ هذه الوحدة مداها حتى يرعى المسلم حقوق إخوانه المسلمين ، ويؤدي ما أوجبه الله عليه تجاههم ، ولتحقيق ذلك لابد من مراعاة جملة من الأمور ، فمن ذلك : العدل معهم ، والمسارعة في نصرتهم ونجدتهم بالحقّ في مواطن الحاجة ، كما قال الله عزوجل في كتابه : { وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر } ( الأنفال : 72 ) ،



 🔴وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما ، أفرأيت إذا كان ظالماً ، كيف أنصره ؟ ، قال : تمنعه من الظلم ؛ فإن ذلك نصره إياه ) .

📌 ثم توّج النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بالتذكير بحرمة المؤمن فقال : ( كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ) فالمسلم مأمور بالحفاظ على حرمات المسلمين ، وصيانة أعراضهم وأموالهم وأعراضهم ، فلا يحل له أن يصيب من ذلك شيئا بغير حق ، وحسبك أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار أشرف البقاع وأشرف الأيام ، وتحيّن موقف الحاجة إلى الموعظة ، لينبّه الناس إلى ذلك الأمر العظيم ، لقد خطب الناس يوم النحر فقال : ( يا أيها الناس ، أي يوم هذا ؟ ) ، قالوا : يوم حرام ، قال : ( فأي بلد هذا ؟ ) ، قالوا : بلد حرام ، قال : ( فأي شهر هذا ؟ ) ، قالوا : شهر حرام ، قال : ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ) .

🌿فإذا رعى المسلمون تلك المباديء التي أصلها هذا الحديث ، وصارت أخوّتهم واقعا ملموسا ، فسوف نشهد أيّاما من العزة والرفعة لهذه الأمة ، وسوف يصبح التمكين لها قاب قوسين أو أدنى ، بإذن الله تعالى .

الحديث الثالث والثلاثين من الأربعين النووية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم أن شاء الله مع الحديث( ٣٣)من الأربعين النووية
🍂🍃🍂🍃

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم


📖✒الشرح

📌ترتبط خيرية هذه الأمة ارتباطا وثيقا بدعوتها للحق ، وحمايتها للدين ، ومحاربتها للباطل ؛ ذلك أن قيامها بهذا الواجب يحقق لها التمكين في الأرض ، ورفع راية التوحيد ، وتحكيم شرع الله ودينه ، وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم ، ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها ، ولذلك امتدحها الله تعالى في كتابه العزيز حين قال : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) .
🍃وعلاوة على ذلك فإن في أداء هذا الواجب الرباني حماية لسفينة المجتمع من الغرق ، وحماية لصرحه من التصدع ، وحماية لهويته من الانحلال ، وإبقاء لسموه ورفعته ، وسببا للنصر على الأعداء والتمكين في الأرض ، والنجاة من عذاب الله وعقابه .

🌿ولخطورة هذه القضية وأهميتها ؛ ينبغي علينا أن نعرف طبيعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونعرف شروطه ومسائله المتعلقة به ؛

📚ومن هنا جاء هذا الحديث ليسهم في تكوين التصور الواضح تجاه هذه القضية ، ويبين لنا كيفية التعامل مع المنكر حين رؤيته .

🌿لقد بين الحديث أن إنكار المنكر على مراتب ثلاث : التغيير باليد ، والتغيير باللسان ، والتغيير بالقلب ،

وهذه المراتب متعلقة بطبيعة هذا المنكر ونوعه ، وطبيعة القائم بالإنكار وشخصه ،

🔴فمن المنكرات ما يمكن تغييره مباشرة باليد ، ومن المنكرات ما يعجز المرء عن تغييره بيده دون لسانه ، وثالثة لا يُمكن تغييرها إلا بالقلب فحسب .

🍂فيجب إنكار المنكر باليد على كل من تمكّن من ذلك ، ولم يُؤدّ إنكاره إلى مفسدةٍ أكبر، وعليه : يجب على الوالي أن يغير المنكر إذا صدر من الرعيّة ،

📌 ويجب مثل ذلك على الأب في أهل بيته، والمعلم في مدرسته ، والموظف في عمله ، وإذا قصّر أحدٌ في واجبه هذا فإنه مضيّع للأمانة ، ومن ضيّع الأمانة فقد أثم ،

🔴ولذلك جاءت نصوص كثيرة تنبّه المؤمنين على وجوب قيامهم بمسؤوليتهم الكاملة تجاه رعيتهم - والتي يدخل فيها إنكار المنكر - ، فقد روى الإمام البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته )

📚فإذا عجز عن التغيير باليد ، فإنه ينتقل إلى الإنكار باللسان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإن لم يستطع فبلسانه ) ، فيذكّر العاصي بالله ، ويخوّفه من عقابه ، على الوجه الذي يراه مناسبا لطبيعة هذه المعصية وطبيعة صاحبها . فقد يكون التلميح كافيا - أحيانا - في هذا الباب ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ؟ ) ،


👈 وقد يقتضي المقام التصريح والتعنيف ، ولهذا جاءت في السنة أحداث ومواقف كان الإنكار فيها علناً ، كإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد - رضي الله عنه - شفاعته في حد من حدود الله ، وإنكاره على من لبس خاتم الذهب من الرجال ، وغير ذلك مما تقتضي المصلحة إظهاره أمام الملأ.

🌿وإن عجز القائم بالإنكار عن إبداء نكيره فعلا وقولا ، فلا أقل من إنكار المنكر بالقلب ، وهذه هي المرتبة الثالثة ، وهي واجبة على كل أحد ، ولا يُعذر شخص بتركها ؛ لأنها مسألة قلبيّة لا يُتصوّر الإكراه على تركها ، أو العجز عن فعلها


📋، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد : جهادٌ بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فمتى لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر انتكس " .



🔴وإذا ضيعت الأمة هذا الواجب بالكلية ، وأهملت العمل به ، عمت المنكرات في المجتمعات ، وشاع الفساد فيها ، وعندها تكون الأمة مهددة بنزول العقوبة الإلهية عليها ، واستحقاق الغضب والمقت من الله تعالى .

📚والمتأمل في أحوال الأمم الغابرة ، يجد أن بقاءها كان مرهونا بأداء هذه الأمانة ، وقد جاء في القرآن الكريم ذكر شيء من أخبار تلك الأمم ، ومن أبرزها أمة بني إسرائيل التي قال الله فيها : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } ( المائدة : 78 - 79 ) .وتكمن خطورة التفريط في هذا الواجب ، أن يألف الناس المنكر ، ويزول في قلوبهم بغضه ، ثم ينتشر ويسري فيهم ، وتغرق سفينة المجتمع ، وينهدم صرحها ،

👈وفي ذلك يضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا رائعا يوضح هذه الحقيقة ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ) رواه البخاري

📚.إن هذا الواجب هو مسؤولية الجميع ، وكل فرد من هذه الأمة مطالب بأداء هذه المسؤولية على حسب طاقته ، والخير في هذه الأمة كثير ، بيد أننا بحاجة إلى المزيد من الجهود المباركة التي تحفظ للأمة بقاءها ، وتحول دون تصدع بنيانها ، وتزعزع أركانها

الحديث الثاني والثلاثين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله  وبركاته
اليوم أن شاء الله مع الحديث(٣٢) من الأربعين النووية....
🍂🍃🍂🍃


عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو يُعطى الناس بدعواهم ، لادّعى رجالٌ أموال قوم ودماءهم ، لكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر )حديث حسن رواه البيهقي وغيره هكذا ، وبعضه في الصحيحين



📖✒الشرح

📚 هذا الحديث  أصلا في باب القضاء بين الناس ، إذ هو منهج يجب أن يسير عليه كل من أراد أن يفصل بين خصومات الناس ، ليعود الحق إلى نصابه وأهله ، ويرتدع أصحاب النفوس المريضة عن التطاول على حقوق غيرهم .


👈إن هذا الحديث  يبيّن أن مجرد ادعاء الحق على الخصم لا يكفي ، إذا لم تكن هذه الدعوى مصحوبة ببينة تبين صحة هذه الدعوى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لكن البيّنة على المدّعي )


🌱قال صلى الله عليه وسلم: "لو يُعطى الناس بدعواهم"، يعني: لو كانت المسألة في الحكم مبنية على مجرد الدعوى، فلأجل البغضاء والشحناء بين الناس سيأتي من يدعي مال غيره، بل ويدعي دمه، فإذا مات من مات بأية طريقة جاء من ادعى أن فلاناً هو القاتل. ولو أعطي الناس بمجرد الدعوى، بلا بينة لحصل خلل كثير في الأمة وفي الناس؛ لأن نفوس الناس مبنية على المشاحة، وعلى البغضاء، وعلى الكراهة، فقد ينتج من ذلك أن يدعي أناس أموال قوم ودماءهم.

👈فقال صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم" يعني: بلا بينة على ما ادعوا "لادعى رجال أموال قوم ودماءهم"، وهذا الادعاء بلا بينة مرفوض؛


🌿ولهذا كان لزاماً على المدعي أن يأتي بالبينة. وعقَّب عليه كتفسير لذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر"، قوله: "البينة" اسم لكل ما يبين الحق ويظهره، على الصحيح المختار، فالبينات إذاً كثيرة، فالشهود من البينات، والإقرار من البينات، والقرائن الدالة على المسألة من البينات، وفهم القاضي باختبار أيضاً للمسألة باختبار يختبر به الخصمين، فيظهر به له وجه الحق، هذا من البينات.

📚وأجمع أهل العلم على ما دل عليه هذا الحديث: من أن البينة على المدعي، وأن المدعي لا تؤخذ دعواه، ولا يلتفت لها من حيث مطالبته بشيء، حتى يأتي ببينة تثبت له هذا الحق.


🌱قال: "البينة على المدعي" يعني: إذا أتى أحد وقال: أنا أدعي على فلان بأنه أخذ أرضي، أو أخذ سيارتي، أو أخذ من مالي كذا وكذا، أو أني أقرضته بكذا وكذا، وأطالبه برده، فيقال: أين البينة التي تثبت ذلك؟ هل عندك شهود؟ هذا نوع من البينات، هل عندك ورقة مشهود عليها ؟ أو أشباه ذلك تثبت ذلك، ما دليلك، أو ما بينتك على هذا؟ فيأتي بالبينة، فلا ينظر إلى دعواه مجردة حتى يأتي ببينة.




👈فمن ذلك : الشهود ، فعندما يشهد الشهود على حق من الحقوق فإن ذلك من أعظم البراهين على صدق المدّعي ، ومن هنا أمرنا الله بالإشهاد في الدَّيْن حفظا لهذا الحق من الضياع فقال : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } ( البقرة : 282 ) .

📔ومن البينات أيضا : إقرار المدعى عليه ، وهو في الحقيقة من أعظم الأدلة على صحة الدعوى ، كما ذكر ذلك الفقهاء ، ومن هذا الباب أيضا : القرائن الدالة على القضية ، وفهم القاضي للمسألة باختبار يجريه على المتخاصمين ، إلى غير ذلك من أنواع البيّنات .فإذا افتقرت هذه الخصومة إلى بينة تدل على الحق ، أو لم تكتمل الأدلة على صحتها ، توجه القاضي إلى المدعى عليه ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالمنكر ، والمقصود أنه ينكر الحق الذي يطالبه به خصمه ، وينكر صحة هذه الدعوى .ويطلب القاضي من المدعى عليه أن يحلف على عدم صدق هذه الدعوى ، فإذا فعل ذلك ، برئت ذمته ، وسقطت الدعوى ،
👈والدليل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال : " كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر ، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله : ( شاهداك أو يمينه ) .


📚وهناك بعض الحالات لا يكون ثَمَّ بينة للمدعي، وهي الأمور المالية، فيتوجه فيها اليمين على المدعى عليه، يعني: أنه يقول: هذا خصمي أخذ شيئاً من مالي، فيقول الخصم: ليس له عندي شيء. فهنا أنكر المدعى عليه أحقية المدعي بشيء، ولا بينة للمدعي على ذلك، فيرى القاضي أن تتوجه اليمين إلى المنكر، يعني: إلى المدعى عليه الذي يقول: ليس له عندي شيء. وهذا معنى قوله: "واليمين على من أنكر"، أو "اليمين على المدعى عليه"، يعني: من طُولب بحق فأنكره، ولا بينة واضحة ثابتة تدل عليه، وإنما هناك نوع بينة ولكنها لم تكمل، فيرى القاضي أن هناك حاجة لطلب اليمين، فإنه تتوجه اليمين للمدعى عليه؛ لأنه منكر.



👈نفهم من هذا أن المدعي لا يطالب باليمين؛ لأنه هو صاحب الدعوى، فإنما عليه البينة، كذلك المدعى عليه إذا أنكر، فإنما عليه اليمين، ويبرأ طبعاً، وإذا كان المدعى عليه عنده بينات أخرى فيدلي بها، وتكون بينة أقوى من بينة خصمه.


📔المقصود من هذا الحديث أن الشريعة جاءت في القضاء بإقامة العدل والحق، وأن هذا إنما يكون باجتماع القرائن والدلائل والبينات على ثبوت الحق لأحد الخصمين، وأن الحاكم لا يحكم بمجرد رأيه ولا بعلمه، فلا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه، وإنما يحكم بما دلت عليه الدلائل، فلو أتاه رجل من أصدق الناس وأصلحهم وقال: لي على فلان كذا وكذا ولا بينة، فإنه لا يحكم بعلمه في ذلك، ولو كان هو يعلم بعض ما في المسألة من الأمور، فلا بد من البينة من المدعي، ولا بد من إثبات ذلك فيحكم له، أو اليمين على من أنكر في بعض المسائل



📔ولعل سائلا يسأل : لماذا اختص المدعي بالبينة ، والمنكر باليمين ؟ وما هي الحكمة من هذا التقسيم ؟

👈والجواب على ذلك : أن الشخص إذا ادعى على غيره أمرا ، فإنه يدعي أمرا خفيا يخالف ظاهر الحال ، فلذلك يحتاج إلى أن يساند دعواه تلك ببيّنة ظاهرة قوية تؤيد صحة دعواه، بينما يتمسّك المنكر بظاهر الأمر ، ويبقى على الأصل ، فجاءت الحجة الأضعف – وهي اليمين – في حقه .فإذا لم يأت المدعي بالبينة ، وأنكر المدعى عليه استحقاق خصمه وحلف على ذلك ، لزم القاضي أن يحكم لصالح المنكر ، لأنه حكمه هذا مبني على ظاهر الأمر والحال

📔.لكن ثمة أمر ينبغي التنبيه عليه ، وهو أن قضاء القاضي لا يحل حراما ولا يحل حلالا ، ولا يغير من حقائق الأمور ، لأن القاضي لا يعلم الغيب ، وقد يكون هناك من الأدلة الزائفة أو الشهادات الكاذبة ما يخفى عليه فيحكم بموجبها ،

👈كما ثبت في البخاري ومسلم عن أم سلمة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وأقضي له على نحو مما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ ، فإنما أقطع له قطعة من النار ) ، 🌱وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على تخويف الناس من أخذ الحرام فقال : ( من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر - أي كاذب - ، لقي الله وهو عليه غضبان ) ، وأنزل الله تصديق ذلك : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ( آل عمران : 77 ) .

📚وعلى أية حال : فإن هذا الحديث تربية شاملة للأمة الإسلاميةت على الأمانة في أقوالهم ، والعدل في أحكامهم ، دون النظر إلى لون أو جنس أو معرفة سابقة ، وجدير بمجتمع يقوم على هذه القيم أن يكتب له التمكين على الأرض .

الحديث الحادي والثلاثين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته......
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٣١ )من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂

عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، حديث حسن رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما مسندا ، ورواه مالك في الموطأ مرسلا : عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسقط أبا سعيد ، وله طرق يقوي بعضها بعضا .
الشرحح'

👈يقول الإمام النووي - رحمه الله -  حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً  أي متصل السند.

👈وقوله  ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد  والحديث إذا سقط منه الصحابي سمي مرسلاً، ولكن النووي- رحمه الله- قال: وله طرق يقوي بعضها بعضاً  ولا شك أنه إذا تعددت طرق الحديث وإن كان كل طريق على انفراده ضعيفاً فإنه يقوى،فلقد حسنه الإمام السيوطي رحمه الله

📮هذا الحديث يعتبر قاعدة من قواعد الشريعة، وهي أن الشريعة لا تقر الضرر، وتنكر الإضرار أشد وأشد

"لاَ ضَرَرَ" الضرر معروف،والضرر يكون في البدن ويكون في المال، ويكون في الأولاد،

"ولا ضرار" أي ولا مضارة 📮والفرق بين الضرر والضرار:

👈أن الضرر يحصل بدون قصد،
👈 والمضارة بقصد، ولهذا جاءت بصيغة المفاعلة.

وهذا الحديث أصل عظيم في أبواب كثيرة، ولا سيما في المعاملات:كالبيع والشراء والرهن والارتهان، وكذلك في الأنكحة يضار الرجل زوجته أو هي تضار زوجها، وكذلك في الوصايا يوصي الرجل وصية يضر بها الورثة.
والضررعلى جهتين:
1⃣الجهة الأولى: جهة العبادات، فإن الشريعة لم يأت فيها عبادة يحصل بها للمرء ضرر، فلا ضرر في الشرع يعني: أن الضرر منتفٍ شرعا فيما شُرع في هذه الشريعة، ففي العبادات لم يشرع لنا شيء فيه ضرر على العبد، ولا مضارة على العبد، ففي الصلاة – مثلاً -: المريض يصلي قائماً، فإن تضرر بالقيام صلى قاعداً. ويتطهر بالماء، فإن كان الماء يضره، انتقل منه إلى التراب..... وهكذا في أشياء متنوعة، فلم تُشرع عبادة، فيها ضرر بالعبد، بل إذا وجد الضرر جاء التخفيف.
فالقاعدة: متى ثبت الضرر وجب رفعه، ومتى ثبت الإضرار وجب رفعه مع عقوبة قاصد الإضرار.


2⃣  الجهه الثانية الضرر في امورالحياه

👈من ذلك مثلاً: كانوا في الجاهلية يطلق الرجل المرأة فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثانية فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثالثة ورابعة، لقصد الإضرار،فرفع الله تعالى ذلك إلى حد ثلاث طلقات فقط.

👈مثال آخر:رجل طلق امرأته ولها أولاد منه،حضانتهم للأم إلا إذا تزوجت، والمرأة تريد أن تتزوج ولكن تخشى إذا تزوجت أن يأخذ أولاده، فتجده يهددها ويقول:إن تزوجتي أخذت الأولاد،وهو ليس له رغبة في الأولاد ولا يريدهم،ولو أخذهم لأضاعهم لكن قصده المضارة بالمرأة بأن لا تتزوج، فهذا لا شك أنه حرام وعدوان عليها، ولو تزوجت وأخذ أولادها منها مع قيامها بواجب الحضانة ورضا زوجها الثاني بذلك، لكن قال:أريد أن أضارها،ونعرف أنه إذا أخذهم لم يهتم بهم، بل ربما يدعهم تحت رعاية  الزوجة الثانية، وهم تحت رعايتها سوف تهملهم، وسوف تقدم أولادها عليهم، وسوف تهينهم، ولكنه أخذهم للمضارة، فهذا لا شك أنه من المحرم.

👈مثال آخر:رجل أوصى بعد موته بنصف ماله لرجل آخر من أجل أن ينقص سهام الورثة، فهذا محرم عليه مع أن للورثة أن يبطلوا ما زاد على الثلث.
.

👈ولو سرنا على هذا الحديث لصلحت الأحوال، لكن النفوس مجبولة على الشح والعدوان، فتجد الرجل يضار أخاه،وتجده يحصل منه الضرر ولا يرفع الضرر.

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

الحديث الثلاثين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٣٠ )من الأربعين النووية
🍂🍃🍂🍃

عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، دلّني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبّني الناس ، فقال : ( ازهد في الدنيا يحبّك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس )رواه ابن ماجة

📖✒الشرح:

هذا الحديث فيه ذكر الزهد في الدنيا، والزهد فيما في أيدي الناس، وهو حديث أصل في بيان كيف يكون المرء محبوباً عند الله عز وجل، وعند الناس، وهو أيضاً من أحاديث الوصايا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عن سؤال مضمونه طلب الوصية.

🍂🍃🍂

📔ولا شك أن لنيل محبّة الله ثم محبّة الناس سبيل وطريق ، من حاد عنه ، خسر تلك المحبّة ، ومن سلكه فاز بها ، وأنس بلذتها

 👈وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم الكيفية التي ينال بها العبد محبة ربّه ومحبة خلقه .

📩إن محبّة الخالق للعبد منزلة عظيمة ، فهي مفتاح السعادة ، وباب الخير ، ولذلك فإنها لا تُنال بمجرّد الأماني ، ولكنها تحتاج من العبد إلى الجدّ والاجتهاد في الوصول إلى هذه الغاية ، وقد جاء في الكتاب والسنة بيان للعديد من الطرق التي تقرّب العبد من مولاه وخالقه ، وتجعله أهلا لنيل رضاه ومحبته ، وكان من جملتها ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من التخلق بخلق الزهد .👈والزهد هو قصر الأمل في الدنيا ، وعدم الحزن على ما فات منها ، وقد تنوعت عبارات السلف في التعبير عنه ،

📔وأجمع تعريف للزهد هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال : " الزهد: هو ترك ما لا ينفع في الآخرة " ، وهذا يشمل ترك ما يضر ، وترك ما لا ينفع ولا يضر

📩.ولا يفهم مما سبق أن الأخذ من طيبات الحياة الدنيا على قدر الحاجة ينافي معنى الزهد ، فقد كان من الصحابة من كانت لديه الأموال الكثيرة ، والتجارات العديدة ، كأمثال أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين ، لكن هذه التجارات وتلك الأموال كانت في أيديهم ، ولم تكن في قلوبهم ،

📥 ولهذا ترى الصحابة رضي الله عنهم في باب الصدقة ومساعدة المحتاج والإنفاق في سبيل الله ، تراهم كمطر الخير الذي يعطي ولا يمنع ، ويسقي حتى يُشبِع .


👈وعلى هذا فإن حقيقة الزهد : أن تجعل الدنيا في يدك لا في قلبك ، فإذا كان العبد مقبلا على ربّه ، مبتعدا عن الحرام ، مستعينا بشيء من المباحات ، فذلك هو الزهد الذي يدعو إليه الحديث

 📔، وصدق بشر رحمه الله إذ يقول : " ليس الزهد في الدنيا تركها ، إنما الزهد أن يُزهد في كل ما سوى الله تعالى ، هذا داود و سليمان عليهما السلام قد ملكا الدنيا ، وكانا عند الله من الزاهدين " .


📩ولقد وعى سلفنا الصالح تلك المعاني ، وقدروها حقّ قدرها ، فترجموها إلى مواقف مشرفة نقل التاريخ لنا كثيرا منها ،

👈وكان حالهم ما قاله الحسن البصري رحمه الله : " أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا إذا أقبل ، ولا يأسفون على شيء منها إذا أدبر ، وكانت في أعينهم أهون من التراب ".

👈لقد نظروا إليها بعين البصيرة ، ووضعوا نُصب أعينهم قول الله تعالى : { يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور } (فاطر : 5 ) ،

🍂وقوله : { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح } ( الكهف : 45 ) ، 🍃فهانت عليهم الدنيا بكلّ ما فيها ، واتخذوها مطيّة للآخرة ، وسبيلاً إلى الجنّة .

♻ثم يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم السبيل إلى محبة الناس فقال : ( وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس ) ، ومعنى ذلك : ألا يكون القلب متعلقا بما في أيدي الناس من نعيم الدنيا ، فإذا فعل العبد ذلك ، مالت إليه قلوب الناس ، وأحبته نفوسهم .والسرّ في ذلك أن القلوب مجبولة على حب الدنيا ، وهذا الحب يبعثها على بغض من نازعها في أمرها ، فإذا تعفف العبد عما في أيدي الناس ، عظم في أعينهم ؛ لركونهم إلى جانبه ، وأمنهم من حقده وحسده .فما أعظم هذه الوصية النبوية ، وما أشد حاجتنا إلى فهمها والعمل بمقتضاها ، حتى ننال بذلك المحبة بجميع صورها .

الحديث التاسع والعشرين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٩) من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂



عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها ، وحدّ حدودا فلا تعتدوها ، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء - رحمة لكم غير نسيان - فلا تبحثوا عنها ) حديث حسن ، رواه الدارقطني وغيره .


📖✒الشرح


🍃 ﻓَﺮَﺽَ " ﺃﻱ ﺃﻭﺟﺐ ﻗﻄﻌﺎً، ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻄﻊ

ﻓَﺮَﺽَ ﻓَﺮَﺍﺋِﺾَ" ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ، ﻭﺍﻟﺰﻛﺎﺓ،
ﻭﺍﻟﺼﻴﺎﻡ،ﻭﺍﻟﺤﺞ،ﻭﺑﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﻭﻣﺎﻻ ﻳﺤﺼي

🍂ﻓَﻼ ﺗُﻀَﻴِّﻌُﻮﻫَﺎ " ﺃﻱ ﺗﻬﻤﻠﻮﻫﺎ ﻓﺘﻀﻴﻊ ، ﺑﻞ ﺣﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ.

🍃"ﻓَﻼ ﺗَﻨﺘَﻬِﻜﻮﻫَﺎ" ﺃﻱ ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻠﻮﻫﺎ، ﻣﺜﻞ : ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﻭﺷﺮﺏ
ﺍﻟﺨﻤﺮ، ﻭﺍﻟﻘﺬﻑ، ﻭﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻻ ﺗﺤﺼﻰ.

🍂" ﻭَﺳَﻜَﺖَ ﻋَﻦْ ﺃَﺷﻴَﺎﺀ ﺭَﺣﻤَﺔً ﻟَﻜُﻢْ ﻏَﻴﺮَ ﻧﺴﻴَﺎﻥ ﻓَﻼ ﺗَﺒﺤَﺜﻮﺍ ﻋَﻨﻬَﺎ"
ﺳﻜﺖ ﻋﻦ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺃﻱ ﻟﻢ ﻳﺤﺮﻣﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ.

👈ﻗﺎﻝ: ﺳﻜﺖ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎً ، ﻭﻻ ﺃﻭﺟﺒﻬﺎ ﻭﻻ
ﺣﺮﻣﻬﺎ.
ﻭﻗﻮﻟﻪ: "ﻏَﻴْﺮَ ﻧﺴﻴَﺎﻥ " ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞ ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﻧﺎﺳﻴﺎً
‏( ﻭَﻣَﺎ ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺑُّﻚَ ﻧَﺴِﻴّﺎً ‏)‏( ﻣﺮﻳﻢ: ﺍﻵﻳﺔ64‏) ﻭﻟﻜﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ
ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻀﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ.
"ﻓَﻼ ﺗَﺒﺤَﺜﻮﺍ ﻋَﻨﻬَﺎ " ﺃﻱ ﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮﺍ، ﻣﺄﺧﻮﺫ ﻣﻦ ﺑﺤﺚ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ
ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﺃﻱ ﻻ ﺗُﻨَﻘِّﺒُﻮﺍ ﻋﻨﻬﺎ،ﺑﻞ ﺩﻋﻮﻫﺎ

🍂🍃🍂


📩 .وإذا نظرنا إلى هذا الحديث ، فإننا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد لنا معالم هذا الدين وطبيعته ، فعبّر عن شرع الله بألفاظ أربعة : الفرائض والمحارم ، والحدود والمسكوت عنه ، وترتبط هذه الألفاظ ارتباطا وثيقا محكما ، لترسم لنا التصوّر الصحيح للمنهج الذي ينبغي أن يسير عليه المسلم في هذه الدنيا

📚لقد كانت أول قضيّة يتناولها الحديث بيان موقف المكلّف نحو ما يرد عليه من الأوامر في الكتاب والسنة فقال : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها ) ، إنه توجيه إلى عدم التفريط في أداء الفرائض ، والفرائض هي الواجبات الشرعية التي أوجبها الله على عباده وألزمهم بها

 .📩فهذه الفرائض - واجبة على كل مكلّف مادام مستطيعا ، وإذا ورد الأمر من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وسلّم فلا مجال لردّه أو عدم تنفيذه ؛ لأن هذا هو مقتضى إيمان العبد بالله ورسوله ، كما قال الله تعالى في كتابه : { وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين } ( الأنفال : 1 ) ، فهذه الطاعة هي هي عنوان العبودية والتسليم لحكم الله وشرعه .



📚وإذا تأمّلنا نصوص الوحيين فإننا نجد أنه قد جاء التعبير عن الفرض بكلمة أخرى هي الواجب، والحقيقة أنه لا فرق بين هذين اللفظين من حيث العمل ، فكلاهما لازمٌ أداؤه ، لكن ذهب بعض أهل العلم - كالإمام أحمد وغيره - إلى التفريق بينهما من ناحية المرتبة ، فجعلوا ما ثبت عن طريق الكتاب فرضا ، وما ثبت عن طريق السنة واجبا


📩وبعضهم جعل الفرض أعلى رتبة من الواجب ؛ لأن الفرض عندهم هو ما ثبت بدليل قطعي ، والواجب ما ثبت بالظن ، وعلى أية حال فإن هذا تفريق اصطلاحي لا يؤثر على حكم العمل بهما


👈اما الصحيح هو ان الفرض والواجب شئ واحد فمثلا الصلاة فرض  وايضا واجب

.📚أما فيما يتعلّق بالمحرّمات ، فقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تركها فقال : ( وحرّم أشياء فلا تنتهكوها ) ، فدعا إلى ترك المعاصي بجميع أنواعها ، وإنما عبّر هنا بلفظ الانتهاك؛ ليبيّن ما عليه حال من يقارف المعاصي من تعدٍّ وعدوان على أحكام الله عزوجل ، فأتى بهذه اللفظة للتنفير عن كل ما نهى الله عنه.ولما كان مدار التكليف كله على فعل المأمور وترك المحذور ، والتقيد بأحكام الشريعة ، والالتزام بما ورد فيها ، والوقوف عند حدودها وعدم تجاوزها ، أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك 👈بقوله: ( وحدّ حدودا فلا تعتدوها ) .والحدود لفظة وردت في مواضع كثيرة من الكتاب والسنة ، ولها مدلولات كثيرة بحسب ما تتعلق به ، ففي الأوامر : يكون الوقوف عند حدود الله بعدم الخروج عن دائرة المأذون به إلى دائرة غير المأذون ، وأما فيما يتعلّق بالنواهي فيحرم  مجرّد الاقتراب منها ؛ لأن الله تعالى إذا حرّم شيئاً ، حرّم كل ما يؤدي إليه ، وتلك هي خطوات الشيطان التي جاء التحذير منها في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ( النور : 21 ) .


📩فإذا كان هذا هو موقف المسلم تجاه ما ورد بيانه في الشريعة ، فما هو موقفه تجاه ما سكت عنه الشرع ولم يوضح حكمه ؟

👈وللجواب عن هذا نقول : إذا لم يرد نصّ في حكم مسألة ما ، فإننا نبقى على الأصل ، وهو الإباحة .وهذا هو السكوت المقصود في قوله : ( وسكت عن أشياء - رحمة لكم غير نسيان - فلا تبحثوا عنها ) ، إنه سكوت عن إظهار حكمه ، ومقتضاه أن يكون باقيا على أصل إباحته ، وليس معنى هذا جواز الابتداع في الدين والزيادة فيه ، بحجة أنه مسكوت عنه ؛ فإن الابتداع ليس مسكوتا عنه ، بل هو محرّم كما دلّت الأدلّة على ذلك .ومما سبق يتبين لنا معاني تلك الألفاظ الأربعة ، والتي ترشدنا إلى القيام بحقوق الله ولزوم شريعته ، مع العفو عما سُكت عنه ، فدخل الدين كله في تلك الكلمات القليلة الجامعة المانعة 

الاثنين، 24 أغسطس 2015

الحديث الثامن والعشرين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
اليوم ان شاء الله مع الحديث (٢٨) من الاربعين النوويه



🍃🍂🍃🍂


عن ( مُعاذِ بِنِ جَبَلٍ ) رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله؛ أخبرني بعملٍ يُدخِلُنِي الجنَّة ويباعِدُني عَن النَّارِ. قال: "لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله تَعَالى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ الله لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤتِي الزَّكَاةِ، وَتَصومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ"، ثُمّ قال: "أَلاَ أَدُلُّكَ عَلى أَبْوَابِ الْخَيرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةٌ تُطُفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ الليل"، ثم تلا قوله سبحانه وتعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حتّى بلغ (يَعْمَلُونَ) [السجدة: 16-17]، ثمّ قال:" أَلاَ أُخْبِرُكُ بِرَأْسِ الأَمْرِ، وعمودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟" قلت: بلى يا رسول الله، قال: "رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ "، ثم قال: "أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلَّهِ؟" قلت: بلى يا رسول الله، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، وقال: " كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا "، قلت: يا نَبِيَّ الله؛ وإِنّا لَمُؤاخَذون بما نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فقال: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَو قال: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلاّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ". رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).


📖✒الشرح:

هذا الحديث فيه ذكر أشياء من أبواب الخير، وهو من الأحاديث العظيمة التي لكل جملة منه شواهد كثيرة،

📩قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار) هذا فيه ما ينبغي التأدب به لأهل العلم، لأن معاذ بن جبل رضي الله عنه من أعلم هذه الأمة بالحلال والحرام، بل هو أعلم الأمة بالحلال والحرام، فهو من أهل العلم، وهذا يدل على أن طالب العلم ينبغي عليه أن يكون حريصا على ما يقربه من الجنة، ويباعده عن النار، لأن للعلم شهوة وعنفواناً، وقد يصرف صاحبه عن السعي في الغاية من العلم، وهو ما يقرب من الجنة، وما يباعد عن النار، 👈وقد قال وهب بن منبه رحمه الله: "إن للعلم طغياناً كطغيان المال"، فالعلم يُطغي إذا لم يكن صاحبه يسعى فيما يقربه إلى الجنة، ويباعده عن النار.

📚قال: (يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه".

🔳 فهذا السؤال العظيم -ما يقرب إلى الجنة، ويبعد عن النار- سؤال عظيم، وهو شاق من حيث الامتثال، لكنه يسير على من يسره الله عليه. فإذاً نفهم من هذا أن ثم كلفة في أن يمتثل المرء بمقتضى العلم، ولكنه يسير على من يسره الله عليه، فإذا أقبل العبد يسر الله جل جلاله عليه الأمر، كما قال سبحانه وتعالى: ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) (الليل: 5-7) فتيسير الله جل جلاله أمور الخير للعبد يكون بشيء يبذله العبد.

👈قال صلى الله عليه وسلم: "وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه" ثم فصل فقال:
📚"تعبد الله لا تشرك به شيئا" يعني: أن تتوجه بجميع أنواع العبادات إلى الله جل جلاله وحده، فإذا دعوت دعوت الله، وإذا سألت سألت الله، وإذا صليت صليت لله، وإذا استغثت استغثت بالله، وإذا أعظمت الرجاء أعظمته بالله، وكل العبادات القلبية، واللسانية، والعملية بالجوارح، تكون لله جل جلاله وحده، ولا يكون لمخلوق فيها نصيب.
قال: "تعبد الله لا تشرك به شيئا" يعني: كبير الشرك وصغيره وخفيه؛ لأن كلمة "شيئا" نكرة جاءت في سياق النفي فتعم كل ما كان في معناها، فلا يشرك بأي شيء: لا يشرك بالهوى، لا يشرك بالمخلوق من البشر، لا يشرك بالملائكة، لا يشرك بعظيم، لا يشرك بصالح، لا يشرك بجني، بإنسي، بشجر، بحجر، بأي نوع مما خلق الله عز وجل، وهذا لا شك أنه عظيم، ولكنه يسير على من يسره الله عليه
🔳. فعبادة الله جل جلاله وحده دونما سواه هذه غاية إرسال المرسلين، ونفي الشرك ونبذه والتخلص منه، أيضاً مما جاء به المرسلون وأقاموا رسالاتهم عليه، وهذا يتنوع، فما كان من قبيل الشرك الأكبر فظاهر وجوب اجتنابه،   وكذلك لابد من اجتناب الامور التي تؤدي الي الشرك الاصغر

👈فعبادة الله وحده لا شريك له، هذه حاصلة إن شاء الله عند الموحد، لكن يخاف على الموحد من أنواع الشرك الأصغر والخفي، أي: مما يكون من يسير الرياء، والتوجه لغير الله في ذلك، فهذه عظيمة،

 
     
📩يعني: أن هذا الأمر شديد، ويجب أن توطن نفسك على إخراج المخلوقين من قلبك، وأن يكون القلب خالصاً لله متوجها لله، في تحركه، وسكناته، وأمره، ونهيه، وفي تصرفك مع أهلك، ومع أقاربك، وفي الأمور العامة والخاصة، فإذا كان كل شيء لله تم الإخلاص.
📚قال: "وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت" وهذه الأربعة سبق بيانها في احاديث سابقه

📚ثم قال: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة"،   وقوله: "جنة" يعني: وقاية، يقي العبد مما يسخطه الله عز وجل؛ لأن الصيام فيه تذكير بحقوق الله عز وجل، وحقوق عباده، فهو جنة من نفوذ الشيطان إلى العبد. وكما جاء في حديث النبي  صلى الله عليه وسلم في حق من لم يجد طولا للنكاح: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، فالصيام جنة، كذلك من نار جهنم لقول  رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام يوماً فى سبيل الله بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عن النارِ سبعينَ خريفاً".
متفق عليه



📚قال: "والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار"، الصدقة بأنواعها تطفئ الخطايا: الصدقة بالقول وبالعمل، الواجبة والمستحبة، والصدقة بالمال، كل هذه تطفئ الخطايا؛ لأنها حسنات، والله جل جلاله قال: ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) ( هود: 114)، وقد بينا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن"، فإذا فهمت معنى الصدقة العام الشامل، فإنه كلما حصلت منك خطية فعليك بكثرة الصدقات، والخطايا لا تحصى؛ لأنه ما من حال تكون فيه إلا ولله جل جلاله أمر ونهي في ذلك، وقل من يكون ممتثلاً للأمر والنهي في كل حالة، فلا بد من الإكثار من الصدقات؛ لأنها أبواب الخير، قال: "والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار" فالنار إذا شبت فإنك تأتي بالماء فتطفئها، وهذا مثال الحسنات بعد السيئات.


📚قال: "وصلاة الرجل في جوف الليل" يعني: أن يقوم الليل القيام المستحب، وقيام الليل على درجات، وأعلاه أن يكون كقيام المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي جاء في آخر سورة المزمل: ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) (المزمل: 20)، فأفضله ما كان بعد نصف الليل إلى الفجر، وبعده من أول ثلث الليل الآخر إلى الفجر، ثم هكذا مراتب بما يتيسر للعبد، فصلاة الرجل في جوف الليل هذه من أعظم أبواب الخير، وبها يحصل للمرء من النور في قلبه، وحسن تعامله مع ربه، وخشيته له، والزهد في الدنيا، والرغب في الآخرة، ما لا يدخل تحت وصف-أعاننا الله وجميع المسلمين على ذلك- فإن الصلاة  في جوف الليل هذه يكون معها التدبر للقرآن، وحسن مناجاة الله، والدمعة التي تُسْبَلُ من خشية الله عز وجل، إذ يكون المرء في ذلك على يقين من أنه إنما قام لله جل جلاله وحده، فتعظم الصلة، ويعظم التعلق، ويعظم إخبات القلب، والرجاء، والرهبة، والخوف، ويؤثر القرآن في القلوب تأثيراً عظيماً، فأصحاب الليل هم أهل التقوى.
قال جل جلاله في وصف عباده المخبتين المنيبين في آية سورة السجدة: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (السجدة: 16-17)، وهذا من فضل الله جل جلاله عليهم. فلا تحرمي نفسك يا حبيبتي في الله من هذا الفضل ولو ركعتين في جوف الليل

〰〰〰〰〰♻〰〰〰🍂🍃



قال معاذ رضي الله عنه: (ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟" قلت: بلى، يا رسول الله. قال: "رأس الأمر الإسلام")، لأن الأمر -الذي هو الدين- رأسه الإسلام، فإذا قُطع الرأس فلا حياة، فإذا ذهب الإسلام فلا حياة للمرء في الدين، فقال: "رأس الأمر الإسلام"، وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.



📚قال: "وعموده الصلاة" العمود هو ما يقوم عليه البناء، فإذا كان ثم أشياء يقوم عليها البناء، فإن بالصلاة يقوم بناء الدين؛ وقوله: "عموده"، لأن الصلاة هي الركن العملي الذي به يحصل الامتثال لمقتضيات الإيمان العملية، يعني: بركن الإيمان الذي هو العملي، فالإيمان: قول واعتقاد وعمل، والعمل عموده الصلاة، فإذا ذهبت الصلاة فلا قيام في ذلك؛ لهذا قال عمر رضي الله عنه: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"،
📔 وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".
📚قال: "وذروة سنامه الجهاد


وصف النبي صلي الله عليه وسلم الجهاد أنه ذروة السنام،لأن الذروة أعلى شيء ،وبالجهاد يعلو الإسلام ، فجعله ذروة سنام الأمر، قال الله تعالى:)وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( )آل عمران:139(
وقال عزّ وجل: )فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ( )محمد:35(
👈وقوله:الجهاد يعني في سبيل الله عزّ وجل والجهاد في سبيل الله بينه النبي صلى الله عليه وسلم أتم بيان، فقد سئل عن الرجل يقاتل حمية،ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟فقال: "مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"فهو لم يجب عن الثلاثة التي سئل عنها بلذكر عبارة عامة،فقال:"مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُاللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"
🔳و الجهاد له مفهومان :

1⃣مفهوم خاص هو بذل الجهد في قتال الكفار

 2⃣ومفهوم عام هوبذل الجهد في طاعة الله عز وجل وترك معصيته



▫▪▫▪

📚قال: (ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قلت: بلى، يا رسول الله، فأخذ بلسانه، وقال: "كف عليك هذا")، فاللسان هو أعظم الأعضاء جرماً؛ لأنه سهل الحركة، كثير الخطايا، فباللسان يحصل الاعتقاد الزائف، وباللسان "إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار"، وباللسان تحصل العداوات، وقد قال الله عز وجل: ( وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ) (الإسراء: 53)، وباللسان يحصل الوقوع في المؤمنين والإيذاء بغير حق، وقد قال عز وجل: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) (الأحزاب: 58
فإذا حاسب المرء نفسه على لسانه، حصل له ملاك هذا الأمر، وهو أنه ملك عليه دينه، وأما إذا أطلق لسانه في كل شيء، فإنه يضر نفسه ضرراً بالغاً، ولا يملك على نفسه دينه، واللسان قد جاءت الأحاديث الكثيرة في بيان شأنه، وقد سبق بيان بعض ذلك.
قال: "كف عليك هذا"، يعني: أمسك، فالكلمة إذا لم تعلم أنها من الحق الذي تؤجر عليه، فاتركها؛ لأنها عليك وليست لك، قال: (قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك امك وتقولها العرب للحث والاغراء   ثم قال: "وهل يكب الناس في النار على وجوههم-أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم".
فكثير من المسلمين يستنكف أن يعمل عملاً محرماً من الكبائر بجوارحه، ،
ولكنه  بمعاصي اللسان يقع فيها بلا مبالاة، فيقع في النميمة من دون أن يشعر، فينقل كلاماً، وبه يفرق بين المرء وأخيه، يقول: سمعت فلاناً يقول فيك كذا وكذا، وهذه نميمة أن تنقل كلاماً يوقع الضغينة والشر في نفس مسلم على أخيه المسلم، وهي الحالقة، والغيبة محرمه، وقد قال عز وجل: ( وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) (الحجرات: 12)

📚وهكذا في أصناف شتى، فما وجدت العداوات الا باللسان
🔲 فاللسان هو مدار الأمر؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟"، يعني: برأس الأمر وعموده وذروة سنامه، قال: (بلى، يا رسول الله)، قال: "كف عليك هذا"، فهذه وصية عظيمة، وسبب تعذيب كثيرين في النار: أنهم لم يكفوا ألسنتهم عما لا يحل لهم؛ فلهذا علينا أن نحذر اللسان أعظم الحذر، فنوصي بهذه الوصية التي أوصى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: "كف عليك هذا".
فأوصي نفسي وجميع الاخوات بأن نكف ألسنتنا، إلا عن شيء علمنا حسنه، فإذا خاطبنا إخواننا، فلنخاطبهم بالتي هي أحسن، كما قال سبحانه وتعالى: ( وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (الإسراء: 53)، فأحسن ما تجد من اللفظ قله لوالدك، ووالدتك، وإخوانك، وأخواتك، وأهلك، ولإخوانك المؤمنين بعامة؛ لأنه بهذا تبعد مدخل الشيطان في التفريق ما بين أهل الإيمان.
وما حصل في تاريخ الإسلام وفي زماننا هذا من أمور منكرة إلا بسبب إطلاق اللسان فيما لا يُعلم أنه من الحق، وكل يتكلم بما شاء، فحصل ما لم يحُمد، نسأل الله جل جلاله أن يلزمني وجميع المسلمين ما فيه صلاحنا في قلوبنا وألسنتنا وجوارحنا.

السبت، 22 أغسطس 2015

الحديث السابع والعشرين من الأربعين النووية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٧)من الأربعين النووية
🍂🍃🍂🍃
عن ( أبي نَجِيحٍ العِرباض بنِ سارِية ) رضي الله عنه قال: وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً، وَجِلَتْ منها القلوبُ، وذَرفَت منها العيونُ، فقلنا: يا رسول الله؛ كَأنّها مَوعظةُ مُوَدَّعٍ، فَأوصِنا، قال: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله عَزَّ وجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطاَّعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّر عَليَكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الْخُلفَاء الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيينْ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةً ضَلاَلَةٌ". رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٧)من الأربعين النووية
🍂🍃🍂🍃
عن ( أبي نَجِيحٍ العِرباض بنِ سارِية ) رضي الله عنه قال: وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً، وَجِلَتْ منها القلوبُ، وذَرفَت منها العيونُ، فقلنا: يا رسول الله؛ كَأنّها مَوعظةُ مُوَدَّعٍ، فَأوصِنا، قال: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله عَزَّ وجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطاَّعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّر عَليَكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الْخُلفَاء الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيينْ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةً ضَلاَلَةٌ". رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).



📗✒الشرح


قوله:"وَعَظَنا"الوعظ:التذكير بما يلين القلب سواء كانت الموعظة ترغيباً أو ترهيباً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظه
📝.وقوله: "وَجلَت مِنهَا القُلُوبُ" أي خافت منها القلوب كما قال الله تعالى: )الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ()الأنفال: الآية2( ." 📝وَذَرَفَت مِنهَا العُيون" أي ذرفت الدموع، وهو كناية عن البكاء." فَقُلنَا يَا رَسُول الله:كَأنَّها" أي هذه الموعظة "مَوعِظَةَ مُوَدِِّعٍ" وذلك لتأثيرها في إلقائها،وفي موضوعها،وفي هيئة الواعظ لأن كل هذا مؤثر،،

📩فتأثير المواعظ له أسباب منها: الموضوع،وحال الواعظ،وانفعاله.

📝" قَالَ أوصيكُم بِتَقوَى الله عزّ وجل" هذه الوصية مأخوذة من قول الله تعالى: )وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ()النساء: الآية131(
 فتقوى الله رأس كل شيء.ومعنى التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه على علم وبصيرة.ولهذا قال بعضهم في تفسيرها: أن تعبد الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك ما حرم الله،على نور من الله، تخشى عقاب الله.

📌وقال بعضهم:خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واعمل كماش فوق أ ر ض الشوك يحذر ما يرى
لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

📩" وَالسَّمعُ والطَّاعَة" أي لولاة الأمر بدليل قوله وَإِن تَأمَّر عَليكُم عبد والسمع والطاعة بأن تسمع إذا تكلم،وأن تطيع إذا أمر، ،
📩لكن انظر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصها بالذكر بعد ذكر التقوى مع أن السمع والطاعة من تقوى الله لأهميتها ولعظم التمرد عليها." وَإن تَأمَّر عَلَيكُم" أي صار أميراً "عبد" أي مملوكاً.

📥"فَإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم" أي تطول به الحياة"فَسَيَرى" والسين هنا للتحقيق اختِلاَفاً كَثيراً في العقيدة، وفي العمل ، وفي المنهج، وهذا الذي حصل، فالصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا طويلاً وجدوا من الاختلاف والفتن والشرور ما لم يكن لهم في الحسبان.أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يلزمونه عند هذا الاختلاف، فقال: "فَعَلَيكُم بِسَّنتي" أي الزموا سنتي، والمراد بالسنة هنا: الطريقة التي هو عليها ، فلا تبتدعوا في دين الله عزّ وجل ما ليس منه ،ولا تخرجوا عن شريعته.وفي الحديث وجوب التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف، لقوله: "فَعَلَيكُم بِسنَّتي" والتمسك بها واجب في كل حال لكن يتأكد عند وجود الاختلاف.

☑🔲ولذلك يجب علينا أن نتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،وجه ذلك: أنه لا يمكن لزومها إلا بعد علمها وإلا فلا يمكن.

👈وأن للخلفاء سنة متبعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فما سنه الخلفاء الراشدون أُعتبر سنة للرسول صلى الله عليه وسلم بإقراره إياهم، ووجه كونه أقره أنه أوصى باتباع سنة الخلفاء الراشدين." وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَاشِدين" الخلفاء الذين يخلفون رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه.فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو الخليفة الأول لهذه الأمة، نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته نصاً يقرب من اليقين، وعامله بأمور تشير إلى أنه الخليفة بعده.مثال ذلك: أتته امرأة في حاجة لها فوعدها وعداً، فقالت: يا رسول الله إن لم أجدك؟ قال: "ائتِي أَبَا بَكر" وقال : "يَأَبَى اللهُ وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنونَ إِلا أَبَا بَكرٍ" وأمر أن تسد جميع الأبواب المشرَّعة على المسجد إلا باب أبي بكر، وجعله خليفته في الصلاة بالمسلمين حين مرض ،وهذه إمامة صغرى،يشير بذلك إلى أنه يتولى الإمامة
الكبرى،وجعله أميراً على الحجيج في السنة التاسعة خلفاً عنه.


👈 فهو الخليفة بالنص الذي يقرب من اليقين.ثم الخليفة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه أولى الناس بالخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنهما صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان كثيراً ما يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، وجئت أنا وأبو بكر وعمر ،فرأى أبو بكر رضي الله عنه أن أحق الناس بالخلافة عمر رضي الله عنه.وخلافة عمر رضي الله عنه ثابتة شرعاً لأنها وقعت من خليفة،ثم صارت الخلافة لعثمان رضي الله عنه بمشورة معروفة رتبها عمر رضي الله عنه، ثم صارت بعد ذلك لعلي رضي الله عنه هؤلاء هم الخلفاء الراشدون لا إشكال فيهم.

📩وقوله: "المهديين" صفة مؤكدة لما سبق، لأنه يلزم من كونهم راشدين أن يكونوا مهديين، إذ لا يمكن رشد إلا بهداية،وعليه فالصفة هنا ليست صفة احتراز ولكنها صفة توكيد وبيان علة،يعني أنهم رشدوا لأنهم مهديون.

🔲🔗"عَضُّوا عَلَيهَا" أي على سنتي وسنة الخلفاء "بالنَّوَاجِذِ"وهي أقصى الأضراس ومن المعلوم أن السنة ليست جسماً يؤكل،لكن هذا كناية عن شدة التمسك بها،أي أن الإنسان يتمسك بهذه السنة حتى يعض عليها بأقصى أضراسه.
👈 "وَإيَّاكُم" لما حث على التمسك بالسنة حذر من البدعة.

=================🍃🍂



"وَإيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمور" أي اجتنبوها،والمراد بالأمور هنا الشؤون، والمراد بالشؤون شؤون الدين،لا المحدثات في أمور الدنيا،لأن المحدثات في أمور الدنيا منها ما هو نافع فهو خير،ومنها ما هو ضار فهو شر،لكن المحدثات في أمور الدين كلها شر، ولهذا قال: "فَإِنَّ كُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَة" لأنها ابتدعت وأنشئت من جديد."كُل بِدعَةٍ ضَلالَة" أي كل بدعة في دين الله عزّ وجل فهي ضلالة فالمُحَذَّر منه المحدث في الدين عقيدة،أو قولاً،أو عملاً،فكل محدثة في الدين صغرت أو كبرت فإنها بدعة،
 هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم،


❓❗فإن قال قائل: كيف نجمع بين هذه الكلية العامة الواضحة البينة: "كُلَّ مُحدَثَةٍ بدعَةٌ" وبين قوله صلى الله عليه وسلم"مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوم القِيامَةِ"


رد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
👈فالجواب من وجهين:
1⃣الوجه الأول:أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً" أي من ابتدأ العمل بالسنة،ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره بعد أن حث على الصدقة للقوم الذين وفدوا إلى المدينة ورغب فيها، فجاء الصحابة كلٌّ بما تيسر له، وجاء رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبيصلى الله عليه وسلم فقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّة ًحَسَنَةَ فَلَهُ أَجرَها وَأَجرُ مَن عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيامَةِ" أي ابتدأ العمل سنة ثابتة، وليس أنه يأتي هو بسنة جديدة، بل يبتدئ العمل لأنه إذا ابتدأ العمل سن الطريق للناس وتأسوا به وأخذوا بما فعل.

2⃣الوجه الثاني:أن يقال: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً"أي سن الوصول إلى شيء مشروع من قبل كجمع الصحابة المصاحف على مصحف واحد، فهذا سنة حسنةلاشك، لأن المقصود من ذلك منع التفرق بين المسلمين وتضليل بعضهم بعضاً.

📓📔كذلك أيضاً جمع السنة وتبويبها وترتيبها، فهذه سنة حسنة يتوصل بها إلى حفظ السنة.إذاً يُحمَل قوله: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حَسَنَةَ" على الوسائل إلى أمور ثابتة شرعاً، ووجه هذا أننا نعلم أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يتناقض، ونعلم أنه لو فُتِحَ الباب لكل شخص أو لكل طائفة أن تبتدع في الدين ما ليس منه لتمزقت الأمة وتفرقت،وقد قال الله عزّ وجل: )إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ( )الأنعام:159(

🚫أن جميع البدع ضلالة ليس فيها هدى، بل هي شر محض حتى وإن استحسنها من ابتدعها فإنها ليست حسنى،بل ولا حسنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَة" ولم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.
👈وبناءً على هذا يتبين خطأ من قسم البدع إلى خمسة أقسام أو إلى ثلاثة أقسام،وأنه ليس على صواب، لأننانعلم علم اليقين أن أعلم الناس بشريعة الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أنصح الخلق لعباد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أفصح الخلق نطقاًمحمد صلى الله عليه وسلم ،وأن أصدق الخلق خبراً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أربعة أوصاف كلها مجتمعة على الأكمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم.إذاً نقول: من ابتدع بدعة وقال: إنها حسنة. فإما أن لا تكون بدعة، وإما أن لا تكون حسنة قطعاً.

🔲🔗مثال ذلك: قالوا من البدع الحسنة جمع المصاحف في مصحف واحد، ومن البدع الحسنة كتابة الحديث، ومن البدع الحسنة إنشاء الدور لطلاب العلم وهكذا.

👈فنقول هذه ليست بدعة، وهي حسنة لا شك لكن ليست بدعة،هذه وسيلة إلى أمر مقصود شرعاً، نحن لم نبتدع عبادة من عندنا لكن أمرنا بشيء ورأينا أقرب طريق إليه هذا العمل فعملناه.وهناك فرق بين الوسائل والذرائع وبين المقاصد، لأن جميع الأمثلة التي قالوا: إنها حسنة تنطبق على هذا، أي أنها وسائل إلى أمر مشروع مقصود.

🔲🔗ومثال آخر قول جماعة: إن الميكرفون الذي يؤدي الصوت إلى البعيد بدعة ولا يجوز العمل به؟

👈فنقول: هو وسيلة حسنة ، لأنه يوصل إلى المقصود، وقداختار النبي صلى الله عليه وسلم للأذان مَنْ هو أندى صوتاً لأنه يبلغ أكثر، وقال للعباس رضي الله عنه في غزوة حنين: نادى يا عباس لأنه كان صيتاً رضي الله عنه
.إذاً رفع الصوت مطلوب، وهذه وسيلة من وسائله لأنه وسيلة إلى أمر مقصود.


🔲🔗كذلك أيضاً الاتصالات، الآن نتصل عن طريق الهاتف إلى أقصى العالم، فهل نقول استعمال هذا الهاتف بدعة لاتجوز؟

👈الجواب:لا نقول هذا، لأنه وسيلة، وقد يكون إلى خير أو إلى شر.

📩فعلى كل حال: يجب أن نعرف الفرق بين ما كان غاية وما كان ذريعة.

🚫يوجد أناس أحدثوا أذكاراً يذكرون الله فيها على هيئات معينة، وقالوا: إن قلوبنا ترتاح إلى هذا الشيء، فهل نقول: هذا بدعة حسنة أو لا؟

👈الجواب:لا، لأنهم أحدثوا في دين الله ما ليس منه،فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعبد الله عزّ وجل على هذا الوجه، وعلى هذا فقس.
👈إذاً الواجب علينا أن نقول: سمعنا وآمنا وصدقنا بان كل بدعة ضلالة، وأنه لا حسن في البدع تصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول: ما ادعى صاحبه أنه بدعة حسنة فهو إما أن لا يكون حسناً وظنه حسناً،وإما أن لا يكون بدعة، أما أن يكون بدعةوحسناً فهذا لايمكن، ويجب علينا أن نؤمن بهذا عقيدة.ولا يمكن أن نجادل أهل الباطل في بدعهم إلا بهذا الطريق بأن نقول: كل بدعة ضلالة.


❓❗فإن قال قائل: ماذا تقولون في قول الخليفة الراشدعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وخرج ليلة من الليالي فوجد الناس يصلون بإمام واحد فقال: نعمت البدعة هذه فسماها بدعة؟
👈أجاب بعض العلماء بأن المراد بالبدعة هنا البدعة اللغوية لاالشرعية، ولكن هذا الجواب لا يستقيم، كيف البدعة اللغوية وهي صلاة؟
👈والصواب أنها بدعة نسبية بالنسبة لهجران هذا القيام بإمام واحد، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن القيام بإمام واحد - أعني التراويح - فقد صلى بأصحابه ثلاث ليال في رمضان ثم تخلف خشية أن تفرض، وتُرِكَت، وأصبح الناس يأتون للمسجد يصلي الرجل وحده ، والرجلان جميعاً،والثلاثةأوزاعاً، فرأى عمر رضي الله عنه بثاقب سياسته أن يردهم إلى السنة الأولى وهي الاجتماع على إمام واحد فجمعهم على تميم الداري وأُبي بن كعب رضي الله عنهما وأمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.فيكون قوله: نعمت البدعة يعني بالبدعة النسبية، أي بالنسبة إلى أنها هجرت في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،وإلا فنحن نؤمن بأن كل بدعة ضلالة

الحديث السادس والعشرين من الأربعين النووية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٦)من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂

عن النواس بن سمعان رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:

البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس.

(رواه مسلم)


🍃🍂🍃🍂

وفي رواية أخرى

🍃وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال:

أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: جئت تسأل عن البر؟ قلت نعم، قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك.

(حديث حسن روى في مسندي الإمامين: أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن)


📖✒الشرح:

هذا الحديث من الأحاديث الجوامع، وهو حديث النواس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البر حسن الخلق" والبر أنواع:

1⃣* بر فيما بين العبد وبين ربه عز وجل.

2⃣* وبر فيما بين العبد وبين الناس.

📩فالبر الذي بين العبد وبين ربه جل جلاله هو بالإيمان، وإتيان أوامر الله جل جلاله المختلفة وامتثالها، واجتناب النهي، كما قال جل جلاله في سورة البقرة: ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (البقرة: 177)، فذكر البر الذي يجب على العبد لله عز وجل، وهذا النوع من البر يأتي في القرآن كثيرا، والله جل جلاله هو الذي جعل هذا برا، فيوصف العبد بأنه من الأبرار إذا امتثل ما في هذه الآية، وابتعد عما يكرهه الله عز وجل.


📩أما البر مع الخلق، فهذا جماعه حسن الخلق؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "البر حسن الخلق" فجمع البر في عبارة وجيزة وهي: "حسن الخلق"، وحسن الخلق يجمعه بذل الندى، وكف الأذى، وأن تحسن إلى الخلق، وأن تجزي السيئة بالحسنة، وأن تعامل الناس بما فيه عفو عن المسيء، وكظم للغيظ، فمن كان باذلا للندى، غير منتصر لنفسه، كافاً الأذى، مقدما المعروف للخلق فهو من ذوي حسن الخلق فيما بين الناس، فإن جمع إليه ما يستحب من ذلك، وما يجب من حقوق العباد كان حسن الخلق عنده شرعياً.

📩فحسن الخلق الذي يكون فيه امتثال لما جاء في الشرع من صفات عباد الله المؤدين لحقوقه وحقوق عباده، هذا يكون معه البر، فالبر إذاً درجات؛ لأن الإيمان بالله والملائكة واليوم الآخر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة… إلى آخره، هذا درجات، ومعاملة الخلق درجات.


🍒فتحصل من ذلك أن درجة البر تختلف باختلاف حسن الخلق، والبر إذا أردته فهو حسن الخلق؛ لأنك بذلك تؤدي حقوق الخلق الواجبة والمستحبة.


🍒⭕🍒
قوله ( البر) أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن فقال ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: الآية2) والبر كلمة تدل على كثرة الخير .

( حسن الخلق ) أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.

وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه .

أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .

وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان .

❓وهل يدخل بر الوالدين في قوله ( حسن الخلق )؟

فالجواب : نعم يدخل لأن بر الوالدين لا شك أنه خلق حسن محمود كل أحد يحمد فاعله عليه .


🍂🍃🍂🍃

(والإثم ) هو ضد البر لأن الله تعالى قال : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: الآية2) فما هو الإثم ؟

(الإثم ما حاك في نفسك ) أي تردد وصرت منه في قلق ((وكرهت أن يطلع عليه الناس)) لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس .

أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاما لكل أحد بل هو خاص لمن كان قلبه سليما طاهرا نقيا ؛ فإنه إذا هم بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع تجده مترددا يكره أن يطلع الناس عليه ، وهذا ضابط وليس بقاعدة ، أي علامة على الإثم في قلب المؤمن .



🍃🍂🍃🍂



↩قال: "والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"، عرف الإثم -وهو ما يقابل البر- بشيئين: شيء ظاهر، وشيء باطن. وهذا من الميزان الذي يمكن تطبيقه، وهو صلى الله عليه وسلم الرؤوف الرحيم بهذه الأمة، فقال: "والإثم ما حاك في نفسك" وهذا أمر باطن، ثم قال: "وكرهت أن يطلع عليه الناس" وهذا أمر ظاهر، فإذا أتيت إلى شيء مشتبه عليك فحاك في نفسك، هل هو من الإثم أم من البر؟ وترددت فيه ولم تعلم أنه من البر، وانضم إلى ذلك الظاهر أنك لو فعلته كرهت أن يطلع عليه الناس، فهذا هو الإثم.

✒فالإثم يجمعه شيئان:

📥الأول: شيء باطن متعلق بالقلب، وهو أنه يحوك في النفس، وتتردد في فعله النفس.

📥الثاني: شيء في الظاهر، فإذا فعلته كرهت أن يطلع عليه الناس.
وهذا وصف عظيم منه صلى الله عليه وسلم للبر والإثم.
فالبر: حسن الخلق ببذل الندى، وكف الأذى، والعفو عن المسيء، والصفح عن المخطئ في حقه.
والإثم: ما حاك في نفسك وجهه، وكرهت أن يطلع عليه الناس، فيما لو فعلته ظاهرا.


⭕〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰⭕


🍒وفي الرواية الأخرى: ، وسبق بيان أن البر نوعان: بر متعلق بحق الله، وبر متعلق بحق العباد. فالحديث الأول ذكر فيه صلى الله عليه وسلم البر المتعلق بحق الناس فقال: "البر حسن الخلق" وهنا ذكر البر بعامة فقال: "استفت قلبك" يعني: عن البر، هل هذا الشيء من البر أم ليس من البر، هل هو من الطاعة أم ليس من الطاعة ؟

ثم قال: "البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب" 🍒يعني: أنه لم يحدث في القلب تردد من هذا الشيء المعين، ولا يكره أن يطلع عليه الناس، وهذا يعم جميع أنواع الطاعات، وقابله بالإثم حيث قال: "والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك"، فجعل صلى الله عليه وسلم علامة للإثم بأنه "ما حاك في النفس، وتردد في الصدر" على نحو ما ذكرنا، "وإن أفتاك الناس وأفتوك" ولهذا يدخل في ذلك جميع الأنواع التي تدخل في المتشابهات التي سبقت في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

📩فالإثم تفرغ منه إذا كان الشيء يحوك في الصدر، ولا تطمئن إليه النفس؛ لأن المسلم بإيمانه ودينه وتقواه تطمئن نفسه إلى ما فيه الطاعة، وأما ما فيه شبهة أو ما فيه حرام، فيجد أنه خائف منه، أو أنه متردد فيه، ولا يستأنس بشيء فيه تعريض لمحرم أو اشتباه؛ لأنه قد يقع في الحرام.
قال: "وإن أفتاك الناس وأفتوك" يعني: قد تذهب إلى مفتٍ تستفتيه في شأنك، ويفتيك بأن هذا لا بأس به، ولكن يبقى في صدرك التردد، والمفتي إنما يُفتي بحسب ما يظهر له من السؤال، وقد يكون عند السائل أشياء في نفسه لم يبدها، أو لم يستطع أن يبديها بوضوح، فيبقى هو الحكم على نفسه، والتكليف معلق به، وإماطة الثواب والعقاب معلقة بعمله هو، فإذا بقي في نفسه تردد ولم تطمئن نفسه إلى إباحة من أباح له الفعل، فعليه أن يأخذ بما جاء في نفسه، من جهة أنه يمتنع عن المشتبهات، أو عما تردد في صدره.

📩وهنا يبحث العلماء بحثاً معلوماً يطول، وهو بحث أصولي وكذلك فقهي، في أن ما يتردد في الصدر ويحيك فيه، ولا يطمئن إليه القلب، هل هو إثم بإطلاق، أم أن بعض أنواعه إثم؟
والتحقيق في هذا أن المسألة فيها تفصيل.

🍒الحالة الأولى: أن يكون التردد الذي في النفس واقعا عن جهل من صاحبه بالحكم الشرعي أو بالسنة، فهذا لو تردد في شيء جاء النص بحسنه أو بإباحته أو بالأمر به، فإنه يكون عاصيا لو لم يفعل، أو يكون ملوماً لو لم يمتثل للسنة.

📩وقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ناساً بالإفطار في السفر، فبقي منهم بقية لم يفطروا، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أناسا لم يفطروا. فقال: "أولئك العصاة أولئك العصاة".
فهذا يدل على أن الأمر إذا كان من السنة بوضوح، فإن تركه لتردد في الصدر من الشيطان، فلا اعتبار لهذا النوع من التردد، كمن يكون في سفر فيقول: أنا لن أقصر، في نفسي شيء من القصر. مع توافر الشروط بما دلت عليه السنة بوضوح، فإن هذا تردد لا وجه له. وإذا كان الشيء دل القرآن الكريم، أو السنة على مشروعيته، ثم بقي في نفسه تردد من هذا الشيء ، فمثل هذا لم يستسلم أو لم يعلم حكم الله عز وجل، فلا قيمة لهذا النوع.


🍒الحالة الثانية: أن يقع التردد من جهة اختلاف المجتهدين في مسألة، فاختلف المجتهدون في تنزيل واقعة هذا المستفتي على النصوص، فمنهم من أفتاه بكذا، ومنهم من أفتاه بكذا، فهذا ليس الإثم في حقه أن يزيل تردد نفسه، وليس البر في حقه أن يعمل بما اطمأنت إليه نفسه خارجا عن القولين، بل البر في حقه ما اطمأنت إليه نفسه من أحد القولين؛ لأنه لا يجوز للعامي أن يأخذ بقول نفسه مع وجود عالم يستفتيه، بل إذا استفتى عالما، وأوضح له أمره وأفتاه، فإن عليه أن يفعل ما أفتاه العالم به، فإذا اختلف المفتون فإنه يأخذ بفتوى الأعلم الأفقه بحاله.

🍒الحالة الثالثة: وهي التي ينزل عليها هذا الحديث، وهي أنه يستفتي المفتي، فيفتيه بشيء لا تطمئن نفسه لصوابه فيما يتعلق بحالته، فيبقى مترددا، يخشى أنه لم يفهم، يقول: هذا أفتاني لكن المسألة فيها أشياء أخر لم يستبنها، أو يقول: هذا المفتي لم يستفصل مني، أو: هذا المفتي لم يستوعب المسألة من جهاتها.
فإفتاء المفتي للمكلف لا يرفع التكليف عنه في مثل هذه الحالة، وإنما ينجو بالفتوى إذا أوضح مراده بدون التباس فأفتي، فإنه يكون قد أدى الذي عليه بسؤال أهل العلم امتثالا لقول الله عز وجل: ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ ) (النحل: 43).
وأما إذا لم يستفصل المفتي، أو لم يحسن فهم المسألة فاستعجل وأفتاه، وبقي في قلب المستفتي شيء من الريب من جهة أن المفتي لم يفهم كلامه، ولم يفهم حاله، أو أن هناك من حاله ما لا يصلح أن يبينه، أو لم يستطع بيانه، فإن هذا يدخل في هذا الحديث بوضوح من أن "الإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك".

الحديث الخامس والعشرين من الأربعين النووية

📢السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

اليوم إن شاء الله مع الحديث الخامس والعشرين من الأربعين النووية


🍃🍂🍃

عَنْ ( أَبِي هُرَيْرَةَ ) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ ". رواه البخاري ومسلم.


📝الشرح

🍃السلامى هي المفاصل، وقيل:العظام، والمعنى واحد لايختلف، لأن كل عظم مفصول عن الآخر بفاصل فإنه يختلف عنه في الشكل، وفي القوة، وفي كل الأمور وهذا من تمام قدرة الله عزّ وجل فليس الذراع كالعضد، وليست الأصابع كالكف، فكل ما فصل عن غيره من العظام فله ميزة خاصة، ولذلك كان على كل سلامى صدقة.

📩وجاء في صحيح مسلم أن السلامى ثلاثمائة وستون مفصلاً، هكذاجاء في الحديث، والطب الحديث يوافق هذا - سبحان الله - مما يدل على أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حق

🍃==============🍃

📩وقوله: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ"والمعنى: كل مفصل عليه صدقة.

📩وقوله: "كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمسُ" يعني كل يوم يصبح على كل عضو من أعضائنا صدقة، أي ثلاثمائة وستون في اليوم، .

لكن من نعمة الله أن هذه الصدقة عامة في كل القربات، فكل القربات صدقات، وهذا شيء ليس بصعب على الإنسان، مادام كل قربة صدقة فما أيسر أن يؤدي الإنسان ما يجب عليه.

📩ثم قال: "تَعْدِلُ بَينَ اثنَيْنِ صَدَقَة" تعدل أي تفصل بينهما إما بصلح وإما بحكم، والأولى العدل بالصلح إذا أمكن ما لم يتبين للرجل أن الحكم لأحدهما،

📩وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ" أي بعيره مثلاً "تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا" إذا كان لايستطيع أن يركب تحمله أنت وتضعه على الرحل هذا صدقة "أَو تَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ" متاعه ما يتمتع به في السفر من طعام وشراب وغيرهما، تحمله على البعير وتربطه، هذا صدقة.

📩"وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ" أي كلمة طيبة سواء


⬅ طيبة في حق الله كالتسبيح والتكبير والتهليل،

⬅أو في حق الناس كحسن الخلق صدقة.واي كلمه طيبة تسعد بها أخيك المسلم صدقه أو تدعوه إلى خير صدقه

📩"وَبِكُلِّ خُطوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَة" سواء بعدت المسافة أم قصرت، وإذا كان قد تطهر في بيته وخرج إلى الصلاة لايخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة.

فيكتسب شيئين: رفع الدرجة، وحطّ الخطيئة

📩"وَتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ" أي تزيل الأذى وهو ما يؤذي المارة من حجر أو زجاج أو قاذورات فأي شيء يؤذي المارين إذا أميط عن طريقهم فإنه صدقة.


🍃🍂=================🍃🍂

📮وفي الحديث وجوب الصدقة على كل إنسان كل يوم تطلع فيه الشمس عن كل عضو من أعضائه، لأن قوله: "عَلَيهِ صَدَقَة" وعلى للوجوب، ووجه ذلك: أن كل إنسان يصبح سليماً يجب عليه أن يشكر الله عزّ وجل، سليماً في كفه، في ذراعه، في عضده، في ساقه، في فخذه، في كل عضو من أعضائه عليه نعمة من الله عزّ وجل فليشكرها.

📚فإن قال قائل: قد يكون في إحصاء ذلك صعوبه

📩فالجواب
فعن أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلي الله عليه وسلم -قال: "يصبح علي كل سلامي من أحدكم صدقة. وكل تسبيحة وتهليلة صدقة. وتكبيرةصدقة. وتحميدة صدقة. وأمر بمعروف صدقة. ونهي عن منكر صدقة. ويجزيءأحدكم من ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحي".وقال زيد بن أرقم: خرج رسول الله - صلي الله عليه وسلم - علي أهل قُباء وهم يصلون الضحي فقال: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحي".رواه مسلم واحمد

📘أنه يجزئ من ذلك - أي بدلاً عنه، لأن (من) هنا بدليّة بمعنى بدل ذلك - ركعتان يركعهما من الضحى، فإذا ركعت ركعتين من الضحى صار الباقي نفلاً وتطوعاً.

 📚ويؤخذ من هذه الرواية: أنه ينبغي للإنسان أن يداوم على ركعتي الضحى، وجه ذلك: أنها تأتي بدلاً عن هذه الصدقات أي بدلاً عن ثلاثمائة وستين صدقة، وهذا القول هو الراجح: أنه تسن المداومة على ركعتي الضحى.

⏳⏰ووقتها: من ارتفاع الشمس قيد رمح في رأي العين، إلى قبيل الزوال يعني بعد طلوع الشمس بنحو ثلث ساعة إلى قبيل الزوال(اي قبل الظهر بخمسه عشر دقيقه)، وآخر الوقت أفضل.

📩وأقلها ركعتان وأكثرها لاحد له، فصلِّ ما شئت فأنت على خير

💞فلابد يا احبتي من المحافظه علي صلاه الضحي ولو ركعتين فهو عمل عظيم ولن يأخذ من وقتك الا القليل فلا تبخلي علي نفسك بهذه الدقائق القليله

الحديث الرابع والعشرين من الأربعين النووية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٤)من الأربعين النووية
🍂🍃🍂🍃

عن أبي ذر رضي الله عنه أيضاً:

أن ناساً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا للنبي (صلى الله عليه وسلم): يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم،
قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؛ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة،
قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟‍ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر.

(رواه مسلم)



📖✒الشرح

📌يوم أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها ما يكفل للإنسان عيشا رغيدا وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن هذه الحياة على اتساعها وجمال ما فيها مآلها إلى الفناء ، كالزهرة اليانعة في البستان سرعان ما تذبل وتسقط أوراقها ، وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .ولقد كان هذا هو همّ الصحابة الأول ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد الجد ، وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس قد تاقت إلى نعيمها الدائم ، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له ، عملا بقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران : 133 ) .



🍂🍃🍂


ولئن كانت ميادين الصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، إلا أن الصدقة بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به ، ومن هنا دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة ، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير الخير ، وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة ، ويبيّن فضلها وما أعد الله لأهلها ، حزّ ذلك في نفوسهم ، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكين له ، ولنعش معا لحظات ماتعة مع هذا الموقف العظيم الذي يرويه لنا أبو ذررضي الله عنه .لقد قال الصحابه : " يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور " ، ولم يكن قولهم هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم ، أو طمعا في الثراء ، ولكنه خرج مخرج الغبطة وتمني حصول الخير ، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء ، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين  ومنهم رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ) متفق عليه .

🍃🍂وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى الخير ، فعالج ذلك الموقف بكل حكمة ، وبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة ، فإنها ليست مقصورة على المال فحسب ، بل تشمل كل أنواع الخير ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( إن بكل تسبيحة صدقة ) .إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟ ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله . قال : ذكر الله عز وجل )

🍃🍂وقال أبو الدرداء راوي الحديث : " لأن أقول الله أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ،

🍃🍂وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟  قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم .


🍃🍂🌸🍃🍂


فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه .
📌وفي الجانب الآخر : فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما هو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع ، ودليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال الله عزوجل في كتابه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) ، وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها

🍃🍂🌸🍂🍃


ثم تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده ، حينما رتّب الأجر والثواب على ما يمارسه الإنسان في يومه وليلته مما هو مقتضى فطرته وطبيعته ، وذلك إذا أخلص فيه النية لربه ، واحتسب  الأجر والثواب ، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا أتى أهله ، ونوى بذلك إعفاف نفسه وأهله عن الحرام ، والوفاء بحق زوجته ، وطلب الذرية الصالحة التي تكون ذخرا له بعد موته ، فإنه يؤجر على هذه النيّة .وهكذا يتسع مفهوم الصدقة ليشمل  العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم ، فهي دعوة إلى احتساب الأجر عند كل عمل ، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة الحياة اليوميّة ، نسأل الله أن يعيننا على طاعته

الحديث الثالث والعشرين من الأربعين النووية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٣)من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :

الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها.

(رواه مسلم)

📖✒الشرح
قوله: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ أي نصفه، وذلك أن الإيمان - كما يقولون - تخلية وتحلية .

التخلية: بالطهور، والتحلية: بفعل الطاعات.

📌📌فوجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان إما فعل وإما ترك.

والتّركُ تَطَهُّرٌ، والفعل إيجاد.

فقوله: شَطْرُ الإِيْمَانِ قيل في معناه: التخلي عن الإشراك لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس)(التوبة: الآية28) فلهذا كان الطهور شطر الإيمان، وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان، لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور، لكن المعنى الأول أحسن وأعمّ.

🍂🍃🍂🍃


📌📌ثم انتقل الحديث إلى الترغيب في ذكر الله عزوجل ، فقال : ( والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن - تملأ - ما بين السماوات والأرض ) ، وهذا يبين عظيم الأجر المترتب على هذه الكلمات الطيبات ، فالحمد لله تملأ الميزان يوم القيامة ؛ وذلك لما اشتملت عليه من الثناء على الله سبحانه وتعالى والتبجيل له ؛ لذلك يستحب للعبد إذا دعا أن يقدم بين يديه الثناء الجميل ، مما يكون أدعى لقبول دعائه ، ثم إن الحمد والتسبيح يملآن ما بين السماء والأرض - بنص الحديث - ؛ والسرّ في ذلك : ما اجتمع فيهما من التنزيه للذات الإلهية ، والثناء عليها ، وما يقتضيه ذلك من الافتقار إلى الله ؛ وهذا ما جعل هاتين الكلمتين حبيبتين إلى الرحمن ، كما جاء في حديث آخر .


🍃🍂🍃🍂



وأما الصلاة ، فقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنور ، وإذا كان الناس يستعينون على الظلمة بالنور ، كي تتضح لهم معالم الطريق ، ويهتدوا إلى وجهتهم ، فذلك شأن الصلاة أيضا ، فهي نور الهداية الذي يلتمسه العبد ؛ حيث تمنع الصلاة صاحبها من المعاصي ، وتنهاه عن المنكر ، كما قال تعالى في كتابه : { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر  } ( العنكبوت : 45 ) ، ويقوى هذا النور حتى يُرى أثره على وجه صاحبه ، قال الله تعالى : { سيماهم في وجوههم من أثر السجود  } ( الفتح : 29 ) ، ولن تكون الصلاة نورا لصاحبها في الدنيا فحسب ، بل يشمل ذلك الدار الآخرة ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد ، بالنور التام يوم القيامة  ) رواه الترمذي.وإذا كانت الصلاة من مظاهر العبودية البدنية ،

🍃🍂 فإن الصدقة تعد عبادة مالية ، يزكّي بها المسلم ماله ، ويطهّر بها روحه من بخلها وحرصها على المال ، لاسيما وأن النفوس قد جبلت على محبّة المال والحرص على جمعه ، كما قال الله عزوجل في كتابه : { وتحبون المال حبا جما } ( الفجر : 20 ) .ومن محاسن هذه العبادة - أي الصدقة - أن نفعها متعد إلى الغير ، إذ بها تُسدّ حاجة الفقير وتُشبع جوعته ، ويكفل بها اليتيم ، وغير ذلك من مظاهر تلاحم لبنات المجتمع المسلم ؛ الأمر الذي جعل هذه العبادة من أحب الأعمال إلى الله تعالى ، وبرهانا ساطعا على إيمان صاحبها ، وصدق يقينه بربّه .



🍃🍂🍃🍂


ولنقف قليلا مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( والصبر ضياء ) ، لنستوضح دقة هذا التعبير النبوي وروعته ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد وصف الصبر بالضياء ، والضياء في حقيقته : النور الذي يصاحبه شيء من الحرارة والإحراق ، بعكس النور الذي يكون فيه الإشراق من غير هذه الحرارة ، ويوضّح هذا المعنى قوله تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا } ( يونس : 5 ) ، فالشمس ضياء لأنها مشتملة على النور والحرارة والإحراق ، أما القمر فهو نور ، وإذا عدنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( والصبر ضياء )أدركنا أن الصبر لابد أن يصاحبه شيء من المعاناة والمشقة ، وأن فيه نوعاً من المكابدة للصعاب ، فلا ينبغي للمسلم أن يعجزه ذلك أو يفتّ من عزيمته ، ولكن ليستعن بالله عزوجل ، ويحسن التوكل عليه ، حتى تمرّ المحنة ، وتنكشف الغمّة .

والصبر كما هو معلوم ثلاثة أنواع:
* صبر على الطاعة.
* وصبر عن المعصية.
* وصبر على أقدار الله المؤلمة.
والصبر: هو الحبس -يعني:
* حبس القلب والجوارح على الطاعات.
* حبس القلب والجوارح عن المعاصي.
* حبس القلب والجوارح على الرضا بأقدار الله جل جلاله المؤلمة.




🍃🍂🍃🍂



ثم ينتقل بنا المطاف إلى الحديث عن القرآن الكريم ، فإن الله عزوجل أنزل كتابه ليكون منهاجا للمؤمنين وإماما لهم ، يبيّن لهم معالم هذا الدين ، ويوضّح لهم أحكامه ، ويأمرهم بكل فضيلة وينهاهم عن كل رذيلة ، فانقسم الناس نحوه إلى فريقين : فريق عمل بما فيه ، ووقف عند حدوده ، وتلاه حق تلاوته ، وجعله أنيسه في خلوته ، فذلك السعيد به يوم القيامة ، وفريق لم ينتفع به ، بل هجر قراءته ، وانحرف عن دربه ولم يعمل بأحكامه ، فإن هؤلاء يكون القرآن خصيما لهم يوم القيامة ، وبين هذا الفريق وذاك يقول الله عزوجل واصفا إياهما : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } ( الإسراء : 82 ).
والقرآن حجه لك او عليك
كقوله صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما....)، فالقرآن "حجة لك أو عليك"؛ لهذا يعظم القرآن عند من عمل به، ويضعف القرآن عند من تركه تلاوة وعملا
ولذلك يا حبيباتي لابد من تعاهد القرآن قراءة وحفظا وعملا ولنجعل لنا ورد ثابت لا نتركه ابدا



🍃🍂🍃🍂



ثم يتوّج النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بوصية رائعة ، يحدد فيها أحوال الناس وطبائعهم ، إذ الناس سائرون في خضم هذه الحياة ، يغدون ويروحون ، يكدحون في تحقيق مآربهم وطموحاتهم ، والذي يفرُق بينهم : الهدف الذي يعيشون لأجله ، فمنهم من سعى إلى فكاك نفسه وعتقها من نار جهنم ، فباع نفسه لله تعالى ، ومنهم من جعل همّه الحصول على لذات الدنيا الفانية ، وشهواتها الزائلة ، فأهلك نفسه وباعها بثمن بخس ، قال الله عزوجل : { ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها } ( الشمس : 7 – 10 ) ، فمن زكّى نفسه ، فقد باعها لله واشترى بها الجنة ، ومن دسّ نفسه في المعاصي ، فقد خاب وخسر ، وكتبت عليه الشقاوة في الدنيا والآخرة ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته ، ويكرمنا بجنته

الحديث الثاني والعشرين من الأربعين النووية



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢٢) من الأربعين النووية..
🍂🍃🍂🍃
عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما:

أن رجلاً سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أرأيت إذا صلّيت المكتوبات، وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرّمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئاً أدخل الجنة ؟ قال: نعم.

(رواه مسلم)


📖✒الشرح

🍂🍃وقوله "أَرَأَيتَ" بمعنى أخبرني.

🍃 إِذا "صَليتُ المَكتوبَات" وهن خمس صلوات في اليوم والليلة كما قال عزّ وجل: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: الآية103) .

🍃" وَصمتُ رَمَضَان" أي الشهر المعروف.

والصيام في اللغة الإمساك عن أي شيء،وفي الشرع هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله عزّ وجل.

وقولنا: تعبداً لله خرج به ما لو أمسك عن المفطرات حمية لنفسه،أو تطبباً،فإن ذلك ليس بصيام شرعي،ولهذا لابد من تقييد التعاريف الشرعية بالتعبد.

🍃" وَأَحلَلتُ الحَلالَ" أي فعلت الحلال معتقداً حله


🍂🍃🍂

🍃إن هذا السؤال قد ورد على ألسنة عدد من الصحابة رضوان الله عليهم بأشكال متعددة ، وعبارات متنوعة ، فقد ورد في صحيح البخاري و مسلم ، أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خمس صلوات في اليوم والليلة ) ، فقال : هل علي غيرها ؟ ، قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وصيام رمضان ) ، قال : هل علي غيره ؟ ، قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ،  وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة ، قال : هل علي غيرها ؟ ، قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) ، قال : فأدبر الرجل وهو يقول  : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(  أفلح إن صدق ) ،
🍂🍃 وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة ؟ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم ) رواه البخاري

🍂🍃.ومما لا ريب فيه أن السائل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي نحن بصدده - كان دقيقا في اختياره للمنهج الذي رسمه لنفسه ؛ فإنه قد ذكر الصلوات المكتوبات ، وهي أعظم أمور الدين بعد الشهادتين ، بل إن تاركها بالكلية خارج عن ملة الإسلام ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) .
🍂🍃وبعد الصلاة ذكر صوم رمضان ، وهو أحد أركان الإسلام العظام ، و مما أجمع عليه المسلمون ، وقد رتّب الله عليه أجراً كبيراً ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) .


🍂🍃ثم أكّد التزامه التام بالوقوف عند حدود الله وشرائعه ، متمثلا بتحليل ما أحله الله في كتابه ، وبيّنه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، واجتناب ما ورد في هذين المصدرين من المحرمات ، مكتفيا بما سبق ، غير مستزيد من الفضائل والمستحبات الواردة


🍃🍂〰〰〰♻〰〰〰〰🍃🍂


وفي هذا الحديث إشكال: أن الرجل قال: لم أزد على ذلك شيئاً. وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم تدخل الجنة، مع أنه نقص من أركان الإسلام الزكاة والحج،والزكاة مفروضة قبل الصيام،يعني فلا يقال: لعل هذا الحديث قبل أن تفرض الزكاة، أما الحج فيمكن أن نقول إن هذا الحديث قبل فرض الحج،لكن لا يمكن أن نقول إنه قبل فرض الزكاة، فما الجواب عن هذا؟

🍂🍃الجواب أن يقال: لعل النبي صلى الله عليه وسلم علم من حال الرجل أنه ليس ذا مال، وعلم أنه إذا كان ذا مال فسوف يؤدي الزكاة،لأنه قال: "وَحَرَّمتُ الحَرَام" ومنع الزكاة من الحرام.

🌴أما الحج فما أسهل أن نقول: لعل هذا الحديث قبل فرض الحج، لأن الحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة.



🍂🍃🍂🍃



 وهنا تأتي البشرى من النبي صلى الله عليه وسلم ، ليبين أن الالتزام بهذا المنهج الواضح ، كاف لدخول الجنة ، وهذا يعكس ما عليه الإسلام من يسر وسماحة ، وبعدٍ عن المشقّة والعنت، فهو يسرٌ في عقيدته ، يسرٌ في عباداته وتكاليفه ، واقع ضمن حدود وطاقات البشر ، وهذا مما اختص الله تعالى به هذه الأمة دون سائر الأمم .

🍂🍃لكن ثمة أمر ينبغي ألا نُغفل ذكره ، وهو أن التزام العبد بالطاعات وفق ما أمر الله به ، واجتناب المحرمات وتركها ، يحتاج إلى عزيمة صادقة ، ومجاهدة حقيقية للنفس ، وليس اتكالا على سلامة القلب ، وصفاء النية ، وليس اعتمادا على سعة رحمة الله فحسب ، لأن للجنة ثمنا ، وثمنها هو العمل الصالح كما قال الله تعالى : { وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } ( الزخرف : 72 ) ، فإذا صدقت نية العبد ، أورثته العمل ولابد .

الحديث الحادي والعشرين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث( ٢١) من الأربعين النووية
🍂🍃🍂🍃

عن أبي عمرو، وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال:

قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك،
قال: قل آمنت بالله ثم استقم.

(رواه مسلم)


📖✒الشرح
  
🍃قوله: "قل لي في الإسلام " أي في الشريعة.

 قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني قولاً يكون حداً فاصلاً جامعاً مانعاً.

  🍃فقال له: "قُل آمَنْتُ بِاللهِ" وهذا في القلب "ثُمَّ استَقِم" على طاعته، وهذا في الجوارح.

  🍂🍃فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم كلمتين: "آمَنْتُ بِاللهِ" محل الإيمان القلب "ثُمَّ استَقِم" وهذا في عمل الجوارح.

🍂🍃🍂🍃


  وهذا حديث جامع، من أجمع الأحاديث.

  فقوله: قُل آمَنْتُ يشمل قول اللسان وقول القلب.

  🍂🍃قال أهل العلم:قول القلب:هو إقراره واعترافه.

🍂     "آمَنْتُ بِاللهِ" أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمان بوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

        🍃 ثم بعد الإيمان "اِستَقِم" أي سر على صراط مستقيم، فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولا شمالاً.

🍂🍃
         📌هاتان الكلمتان جمعتا الدين كله.

         فلننظر: الإيمان بالله يتضمن الإخلاص له في العبادة، والاستقامة تتضمن التمشي على شريعته عزّ وجل، فيكون جامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.




🍂🍃〰〰〰〰〰〰〰〰〰🍂🍃


       
فإذا ذاق الإنسان حلاوة الإيمان ، وتمكنت جذوره في قلبه ، استطاع  أن يثبت على الحق ، ويواصل المسير ، حتى يلقى ربّه وهو راض عنه ، ثم إن ذلك الإيمان يثمر له العمل الصالح ، فلا إيمان بلا عمل ، كما أنه لا ثمرة بلا شجر ، ولهذا جاء في الحديث : ( ثم استقم ) فرتّب الاستقامة على الإيمان ، فالاستقامة ثمرة ضرورية للإيمان الصادق ، ويجدر بنا في هذا المقام أن نستعرض بعضاً من جوانب الاستقامة المذكورة في الحديث

📌 .إن حقيقة الاستقامة ، أن يحافظ العبد على الفطرة التي فطره الله عليها ، فلا يحجب نورها بالمعاصي والشهوات ، مستمسكا بحبل الله

🍂، كما قال ابن رجب رحمه الله : " والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم ، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها : الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها " ، وهو بذلك يشير إلى قوله تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ( الروم : 30 ).

🍂🍃وقد أمر الله تعالى بالاستقامة في مواضع عدة من كتابه ، منها قوله تعالى : { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك } ( هود : 112 ) ، وبيّن سبحانه هدايته لعباده المؤمنين إلى طريق الاستقامة ، كما قال عزوجل : { وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } ( الحج : 54 )،

🍃🍂 وجعل القرآن الكريم كتاب هداية للناس ، يقول الله تعالى في ذلك : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } ( إبراهيم : 1 ).


🍃🍂🍃


ولئن كانت الاستقامة تستدعي من العبد اجتهاداً في الطاعة ، فلا يعني ذلك أنه لا يقع منه تقصير أو خلل أو زلل ، بل لا بد أن يحصل له بعض ذلك ، بدليل أن الله تعالى قد جمع بين الأمر بالاستقامة وبين الاستغفار في قوله : { فاستقيموا إليه واستغفروه } ( فصلت : 6 ) ،  فأشار إلى أنه قد يحصل التقصير في الاستقامة المأمور بها ، وذلك يستدعي من العبد أن يجبر نقصه وخلله بالتوبة إلى الله عزوجل ، والاستغفار من هذا التقصير ، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : ( سددوا وقاربوا )رواه البخاري .

📌📌والمقصود منه المحاولة الجادة للسير في هذا الطريق، والعمل على وفق ذلك المنهج على قدر استطاعته وإن لم يصل إلى غايته، شأنه في ذلك شأن من يسدد سهامه إلى هدف ، فقد يصيب هذا الهدف ، وقد تخطئ رميته ، لكنه بذل وسعه في محاولة تحقيق ما ينشده ويصبو إليه

〰〰🔆〰〰


.🍂🍃وللاستقامة ثمار عديدة لا تنقطع ، فهي باب من أبواب الخير ، وبركتها لا تقتصر على صاحبها فحسب ، بل تشمل كل من حوله ، ويفهم هذا من قوله تعالى : { وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا } ( الجن : 16 ) ، وتستمر عناية الله بعباده المستقيمين على طاعته حتى ينتهي بهم مطاف الحياة ، وهم ثابتون على كلمة التوحيد ، لتكون آخر ما يودعون بها الدنيا ، كما قال الله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، نزلا من غفور رحيم } ( فصلت : 30-32 ) .


〰〰🔆〰〰

وإذا أردنا أن تتحقق الاستقامة في البدن فلا بد من استقامة القلب أولا ، لأن القلب هو ملك الأعضاء ، فمتى استقام القلب على معاني الخوف من الله ، ومحبته وتعظيمه ، استقامت الجوارح على طاعة الله ، ثم يليه في الأهمية : استقامة اللسان ، لأنه الناطق بما في القلب والمعبّر عنه ، نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا .
  

الحديث العشرين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث العشرين من الأربعين النووية
🍃🍂🍃🍂
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :

"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

(رواه البخاري)



📝الشرح

الحياء زينة النفس البشرية ، وتاج الأخلاق بلا منازع ، وهو البرهان الساطع على عفّة صاحبه وطهارة روحه ، ولئن كان الحياء خلقا نبيلا يتباهى به المؤمنون ، فهو أيضا شعبة من شعب الإيمان التي تقود صاحبها إلى الجنة ،

وقوله: "إِذا لَم تَستَحْيِ" يحتمل معنيين:

1⃣المعنى الأول:إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكون الأمر هنا بمعنى الخبر، لأنه لا حياء عنده، يفعل الذي يخل بالمروءة والذي لا يخل.

2⃣المعنى الثاني: إذا كان الفعل لا يُستَحَيى منه فاصنعه ولا تبالِ.

فالأول عائد على الفاعل، والثاني عائد على الفعل.

🍃والمعنى: لا تترك شيئاً إذا كان لا يُستَحيى منه.

🍃وقوله: "فاصنَع مَا شِئت" أي افعل،والأمر هنا للإباحة على المعنى الثاني،أي إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فلا حرج.

وهي للذم على المعنى الأول، أي أنك إذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت.


🍃✳🍃


إِنَّ مِمَا أَدرَكَ الناسُ مِن كَلاَمِ النُّبوَةِ الأُولَى وهذا هو الواقع.

وما سبق  عن الأمم السابقة إما أن ينقل عن طريق الوحي في القرآن، أو في السنة ،أو يكون مما تناقله الناس.

فأما في القرآن ففي قوله عزّ وجل: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * َالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) [الأعلى:16-19] ، وما جاءت به السنة فكثير، كثيراً ما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل ما يذكر.

وأما ما يؤثر عن النبوة الأولى: فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول:ما شهد شرعنا بصحته،فهو صحيح مقبول.

القسم الثاني:ما شهد شرعنا ببطلانه، فهو باطل مردود.

القسم الثالث:ما لم يرد شرعنا بتأييده ولا تفنيده،فهذا يتوقف فيه،وهذا هو العدل.

ولكن مع ذلك لا بأس أن يتحدث به الإنسان في المواعظ وشبهها إذا لم يخشَ أن يفهم المخاطَب أنه صحيح.


🍂🍃🍂


الثناء على الحياء، سواء على الوجه الأول أو الثاني، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ

🍂🍃🍂

والحياء نوعان:

1⃣الأول:فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل.

2⃣الثاني:فيما يتعلق بحق المخلوق.

أما الحياء فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل فيجب أن تستحي من الله عزّ وجل أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك.

وأما الحياء من المخلوق فأن تكفَّ عن كل ما يخالف المروءة والأخلاق


🍃🍂🍃🍂


والحق أن الحياء رافد من روافد التقوى ؛ لأنه يلزم صاحبه فعل كل ما هو جميل ، ويصونه عن مقارفة كل قبيح ، ومبعث هذا الحياء هو استشعار العبد لمراقبة الله له ، ومطالعة الناس إليه ، فيحمله ذلك على استقباح أن يصدر منه أي عمل يعلم منه أنه مكروه لخالقه ومولاه ، ويبعثه على تحمّل مشقة التكاليف ؛

🍃 ومن أجل ذلك جاء اقتران الحياء بالإيمان في غيرما موضع من النصوص الشرعية ، في إشارة واضحة إلى عظم هذا الخلق وأهميته .


🍂🍃🍂🍃


💎وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق واشتُهر عنه ، حتى قال عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ذلك : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ) ،

🍂🍃 وهكذا نشأ الأنبياء جميعا على هذه السجيّة ، فلا عجب إذا أن يصبح الحياء هو الوصية المتعارف عليها ، والبقية الباقية من كلام النبوة الأولى ، والتي يبلغها كل نبي لأمته

🍃✳🍂


💠 ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يكثر من قول :إذا ما قــــال لــي ربي      أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي    وبالعـصيــان تأتينــــي فـما قـولي لـه لــمـــــــا     يعاتـبـنــي ويُقـصـيـني


🍂✳🍂


♻ .ويمكن أن يُضاف نوع ثالث ، وهو الحياء الفطري ، ذلك الحياء الذي يوافق طبيعة المرأة التي خُلقت عليها ، فيزيّنها ويرفع من شأنها ،واستمع إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ تقول : " كنت أدخل بيتي الذي دُفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي ، فأضع ثوبي – أي أطرحه - فأقول : إنما هو زوجي وأبي ، فلما دُفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة عليّ ثيابي ؛ حياء من عمر "

🍃✳🍃
 .فإذا اكتمل الحياء في قلب العبد ، استحيا من الله عزوجل ، .


🍂✳🍂

لقد جسّد النبي صلى الله عليه وسلم الحياء في سلوكيات عملية ، تدرّب المرء على هذا الخلق النبيل ، فعن عبد الله بن مسعودقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استحيوا من الله حق الحياء ) ، قلنا : يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله ، قال : ( ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، ولتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) رواه الترمذي ،
وهذا التصوير النبوي لخلق الحياء ، يدلّنا ويرشدنا إلى أسباب وصول أمتنا لهذا المستوى من الذلّ والمهانة ، إننا لم نستح من الله حق الحياء ؛ فأصابنا ما أصابنا ، ولو كنا على المستوى المطلوب من خلق الحياء ، لقدنا العالم بأسره ، فالحياء ليس مجرّد احمرار الوجه وتنكيس الرأس ، بل هو معاملة صادقة ، وإخلاص تام في حق الخالق والمخلوق


🍂✳🍂


📌ولعل
 مما يحسن التنبيه إليه في هذا الباب أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - بحجة الحياء من الناس - قصور في الفهم ، وخطأ في التصوّر ؛ لأن الحياء لا يأتي إلا بخير ، والنبي صلى الله عليه وسلم على شدة حيائه ، كان إذا كره شيئا عُرف ذلك في وجهه ، ولم يمنعه الحياء من بيان الحق ، وكثيرا ما كان يغضب غضبا شديدا إذا انتُهكت محارم الله ، ولم يخرجه ذلك عن وصف الحياء 

الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم ان شاء الله مع الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية...
🍂🍃🍂🍃
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي (صلى الله عليه وسلم) يوماً، فقال لي:

"يا غلام إني أعلّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفـظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لـم ينفعـوك إلا بشيء قـد كتبـه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف".

(رواه الترمذي وقال: حسن صحيح)


وفي رواية غير الترمذي:
"احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً".


📖✏الشرح:


هذا حديث عظيم جداً من وصايا المصطفى صلى الله عليه وسلم خص بها ابن عمه  عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهذه الوصية جمعت خيري الدنيا والآخرة؛


🍃🍂🍃🍂


⬅🍃وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث ، قوله صلى الله عليه وسلم : ( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك )
،
🍂🍃 إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره ، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له ، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل ، مصداقا لما أخبرنا الله تعالى في كتابه حيث قال : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } ( البقرة : 40 ) ، وقال أيضا : { فاذكروني أذكركم } ( البقرة : 152 )

 🍂🍃.وهذا الحفظ الذي وعد الله به من اتقاه يقع على نوعين :الأول : حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ، فيحفظه في بدنه وماله وأهله ، ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه ورعايته ، كما قال تعالى : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } ( الرعد : 11 ) أي : بأمره ، وهو عين ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح ومساء : ( اللهم إني أسألك العفو والعافية ، في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) رواه أبو داوود و ابن ماجة ،


🍁🌴وبهذا الحفظ أنقذ الله سبحانه وتعالىإبراهيم عليه السلام من النار ، وأخرج يوسف عليه السلام من الجبّ ، وحمى موسى عليه السلام من الغرق وهو رضيع ،


 🍂🍃وتتسع حدود هذا الحفظ لتشمل حفظ المرء في ذريّته بعد موته ، كما قال سعيد بن المسيب لولده : " لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك " ، وتلا قوله تعالى : { وكان أبوهما صالحا } ( الكهف : 82 ) .الثاني : حفظ الله للعبد في دينه ، فيحميه من مضلات الفتن ، وأمواج الشهوات ، ولعل خير ما نستحضره في هذا المقام : حفظ الله تعالى لدين يوسف عليه السلام ، على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له ، يقول الله تعالى في ذلك : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } ( يوسف : 24 ) ، وتستمر هذه الرعاية للعبد حتى يلقى ربّه مؤمنا موحدا .


🍂🍃ولكن الفوز بهذا الموعود العظيم يتطلب من المسلم إقبالا حقيقيا على الدين ، واجتهادا في التقرب إلى الله عزوجل ، ودوام الاتصال به في الخلوات ، وهذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية لهذا الحديث : ( تعرّف إلى الله في الرخاء ، يعرِفك فـي الشدة ) ، فمن اتقى ربه حال الرخاء ، وقاه الله حال الشدّة والبلاء


🍂🍃🍂🍃


📌📌.ثم انتقل الحديث إلى جانب مهم من جوانب العقيدة ، ويتمثّل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ( إذا سأَلت فاسأَل الله ) ، وسؤال الله تعالى والتوجه إليه بالدعاء من أبرز مظاهر العبوديّة والافتقار إليه ، بل هو العبادة كلها كما جاء في الحديث : ( الدعاء هو العبادة ) ، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين في كتابه العزيز فقال : { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } ( الأنبياء : 90 ).


🍂🍃وإن من تمام هذه العبادة ترك سؤال الناس ، فإن في سؤالهم تذلل لهم ومهانة للنفس ، ولا يسلم سؤالهم من منّة أو جرح للمشاعر ، أو نيل من الكرامة ، كما قال طاووس لعطاء رحمهما الله : " إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونك حجابه ، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ، ووعدك أن يجيبك " ، وصدق أبو العتاهية إذ قال :              لا تسألن بني آدم حاجـــة    وسل الذي أبوابه لا تُحجب              فاجعل سؤالك للإله فإنمـا     في فضل نعمة ربنـا تتقلب


 📌📌وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال : { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا } ( البقرة : 273 ) ،


🍂🍃.إن ما سبق ذكره من الثناء على المتعفّفين إنما هو متوجه لمن تعفّف عن سؤال الناس فيما يقدرون عليه ، وما يملكون فعله ، أما ما يفعله بعض الناس من اللجوء إلى الأولياء والصالحين الأحياء منهم أو الأموات ، ليسألونهم ويطلبون منهم أعمالاً خارجةً عن نطاق قدرتهم ، فهذا صرفٌ للعبادة لغير الله عزوجل ، وبالتالي فهو داخل تحت طائلة الشرك .


🍂🍃🍂🍃

⬅وفي قوله : ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) أمر بطلب العون من الله تعالى دون غيره ، لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من يعينه في أمور معاشه ومعاده ، ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك إلا الحي القيوم ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا خاذل له ، ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا ، قال تعالى : { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده } ( آل عمران : 160 ) ، ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : ( اللهم أعني ولا تعن علي) ، وأمر معاذا رضي الله عنه ، ألا يدع في دبر كل صلاة أن يقول ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه النسائي وأبو داود .

🍂🍃وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره ، والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله ، وعندها لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ، ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ، ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب في علم الله ، كما قال سبحانه : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير } ( الحديد : 22 )

فقد يعينك الله بسبب غير معلوم لك, فيدفع عنك من الشر ما لا طاقة لأحد به، وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلِّله لك حتى يعينك، ولكن مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد أن تنسى المسبب وهو الله عزّ وجل


🍂🍃🍂🍃


"وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك" الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا على أن نعتمد على الله عزّ وجل ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزّ وجل.


🍂🍃🍁



"وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ" وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره، ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك،لأن الله تعالى يقول(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا )(الشورى: الآية40)


🍂🍃🍁



🍂🍃: "رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ" يعني أن ما كتبه الله عزّ وجل قد انتهى فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله .


🍂🍃🍂🍃



وفى الرواية الأخرى
.ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية ، أورثهم ذلك ثباتا في العزيمة ، وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي تواجههم ، والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بهذه الوصية النبوية ، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب ، وأن العسر يعقبه اليسر ، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام ، فما كُتب النصر لنوح عليه السلام ، إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه ، والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت ، إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربّه راجيا فرجه ، معتمدا عليه في كل شؤونه ، حتى انكشفت غمّته ، وأنقذه من بلائه ومحنته ، وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبر على البلاء والامتحان .إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة ، من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق ، فما أحوجنا إلى أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ، ونستلهم منها الحلول الناجعة لمشكلات الحياة ،