السبت، 5 سبتمبر 2015

الحديث الثاني والأربعين من الأربعين النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... اليوم إن شاء الله مع الحديث (٤٢) من الأربعين النووية 🍂 🍃 🍂 🍃 عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) حديث صحيح رُويناه في كتاب الحجّة بإسناد صحيح . قال عنه الإمام النووي حسن صحيح ولكن هذا بعيد من وجوه فالحديث محل خلاف بين علماء الحديث ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ : " ﺣﺪﻳﺚ ﻏﺮﻳﺐ " . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ : " ﺗﺼﺤﻴﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻌﻴﺪ ﺟﺪﺍً " . ﻭﺿﻌﻔﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ . ﻗﻠﺖ : ﻧﻌﻴﻢ ﺿﻌﻴﻒ ، ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻘﺎﻝ ﻣﻌﺮﻭﻑ . ﻭ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﺳﻤﺎﻉ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ . ﻓﺘﺒﻴﻦ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺛﻼﺙ ﻋﻠﻞ : -1 ﺿﻌﻒ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ . -2 ﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﻧﻌﻴﻢ ﻓﻴﻪ . -3 ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﺑﻴﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ ، ﻭﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ . ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺻﺤﺤﻪ ﺃﺑﻮﻧﻌﻴﻢ ﺑﺈﺧﺮﺍﺟﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ " ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ " ! ﻭﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻓﻲ " ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ " ‏! ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻓﻲ " ﺍﻟﻔﺘﺢ " ‏: " ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎﺕ وقال عنه صحيح الإسناد 👈ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﺻﺤﻴﺢ ﻗﻄﻌﺎ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻭﺃﺻﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﺜﻴﺮ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ }ﻓﻼ ﻭﺭﺑﻚ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻜﻤﻮﻙ ﻓﻴﻤﺎ ﺷﺠﺮ ﺑﻴﻨﻬﻢ { ﺍﻵﻳﺔ ﻭﻗﻮﻟﻪ } ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﻻ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺇﺫﺍ ﻗﻀﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﻣﺮﺍ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺨﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻫﻢ { ﻭﻗﻮﻟﻪ }ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺠﻴﺒﻮﺍ ﻟﻚ ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻧﻤﺎ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺃﻫﻮﺍﺀﻫﻢ { ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻓﻼ ﻳﻀﺮ ﻋﺪﻡ ﺻﺤﺔ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ لأنه يرقى للتحسين فيصبح حسنا لأن له شواهد من القرآن والسنة 📘📗ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺻﺎﻟﺢ ﺁﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺸﻬﻮﺭ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻗﺎﻝ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :- ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﺣﺪﻛﻢ، ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮﺍﻩ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺌﺖ ﺑﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ، ﻛﻤﺎ ﺣﺴﻨﻪ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ، ﺑﻞ ﻗﺎﻝ : ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﺳﺒﺐ ﺗﺤﺴﻴﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻵﻳﺔ، ﻭﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ - ﺟﻞ ﻭﻋﻼ :- } ﻓَﻠَﺎ ﻭَﺭَﺑِّﻚَ ﻟَﺎ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺣَﺘَّﻰ ﻳُﺤَﻜِّﻤُﻮﻙَ ﻓِﻴﻤَﺎ ﺷَﺠَﺮَ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻢْ ﺛُﻢَّ ﻟَﺎ ﻳَﺠِﺪُﻭﺍ ﻓِﻲ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﺣَﺮَﺟًﺎ ﻣِﻤَّﺎ ﻗَﻀَﻴْﺖَ ﻭَﻳُﺴَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ { ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺑﻤﺠﻲﺀ ﺁﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻣﺬﻫﺐ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﺎﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ، ﻭﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺣﺬﺍﻕ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ . ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺣﺎﻓﻆ ﺣﻜﻤﻲ ﻓﻲ " ﻣﻌﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ " ‏ أي أن الحديث يرتفع من الضعيف إلى الحسن لأن له طرق أخرى وشواهد وبذلك يجوز العمل به لأنه أصبح حديثا حسن الإسناد كان لابد من توضيح هذا الأمر في البدايه 📖✒الشرح 👈قوله: "لا يؤمن" هذه تكثر في النصوص، ويراد منها هنا نفي كمال الإيمان، لأن الإيمان له كمال وله حد أدنى، أما الحد الأدنى منه فهو الذي يصح به الإسلام، فكل أحد ما دام أنه يصدق عليه اسم الإسلام وأنه مسلم فمعه من الإيمان ما يصحح به ذلك الإسلام وهو: إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، وكمال الإيمان هو نهايته، 👈يعني: الإيمان المطلق، فلا يؤمن حتى يكون هواه تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن كان هواه ومحبته في كل مسألة من مسائل حياته، وفي كل أمر من أموره، تابعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كمل إيمانه، 📗 وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير"، وهذا كمال من جهة الطاعة، لكن قد يأتي ما يجعله ناقصاً بذنب آخر، ولكن إذا خالف العبد وغلبته نفسه، وصار في هواه بعض المسائل في غير طاعة الله، وفضل غير طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، فاختار المعصية، واختار التفريط في الواجب، فهذا ينقص من إيمانه بقدر ما فوت من واجبات الإيمان. 📗📘وزيادة الإيمان ونقصانه أصل عند أهل السنة والجماعة 👈أن الإيمان قول اللسان. 👈 أنه اعتقاد الجنان. 👈 أنه عمل بالأركان. 👈أنه يزيد بطاعة الرحمن.. 👈أنه ينقص بطاعة الشيطان وبمعصية الرحمن. 📚والإيمان متفاضل، كلما عمل العبد طاعة زاد إيمانه، وكلما عمل العبد معصية نقص إيمانه، فبقدر المعصية ينقص الإيمان، وبقدر إيمانه ومتابعته وإحداثه للطاعات يزيد إيمانه، سواء كانت طاعات القلوب من الاعتقادات والأعمال، أو طاعات الجوارح من الأعمال الصالحات، فإن الإيمان يزداد بذلك، فإذا عمل معصية نقص الإيمان. 📗📘ولهذا الحديث مدلوله في بيان ضرورة التزام منهج الله تعالى ، والإذعان لأحكامه وشرائعه ، فإن المؤمن إذا رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، حمله ذلك على أن يحكّم شرع الله في حياته ، فيحل حلاله ، ويحرم حرامه ، ويحب ما دعا إليه ، ويبغض ما نهى عنه ، ولا يجد في ذلك ضيقا أو تبرما ، بل إننا نقول : لا يعد إيمان العبد صادقا حتى يكون على مثل هذه الحالة من الانقياد ظاهرا وباطنا ، والتسليم التام لحكم الله ورسوله ، 👈 كما دلّ عليه قوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ( النساء : 56 ) . 👈 وهذا يقتضي من العبد أن يحب الله ورسوله فوق كل شيء ، ويقدّم أمرهما على كل أمر ، كما قال تعالى : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ( التوبة : 24 ) .  📩📩ولسنا نريد بهذه المحبة مجرد كلمات تقال ، أو شعارات ترفع ، لا تثمر عملا ولا انقيادا ، فإن لكل محبة دليلا ، ودليل صدق المحبة موافقة المحبوب في مراده ، وعدم إتيان ما يكرهه أويبغضه ، وإلا فهي دعاوى لا حقيقة لها ، وقد قال العلماء : " كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة " . 📌 وإنك لتقرأ في سير الصحابة الكرام ومن بعدهم ، فتعتريك الدهشة حين تجد منهم الامتثال الفوري للدين ، دون تأخير أو إبطاء ، 👈واستمع إلى أنس رضي الله عنه وهو يصف لنا مشهدا من غزوة خيبر فيقول : " أصبنا حمرا فطبخناها ، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ، فإنها رجس ، فأكفئت القدور بما فيها ، وإنها لتفور باللحم " ، 👈 وقريبٌ من ذلك ما ذكر في يوم تحريم الخمر ، إذ امتلأت طرق المدينة بالخمور المراقة على الأرض ، هذا مع شدة حبهم لها ، وتعلقهم بها منذ الجاهلية ، ولكنهم – رضي الله عنهم – قدموا رضا الله فوق كل شيء ، ولم يتقاعسوا عن طاعته طرفة عين . 📘📗وكفى بهذا الانقياد ثمرة أن يجد المرء في قلبه حلاوة الإيمان ولذته ، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : - وذكر منها - أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) . 📩📩وإذا عدنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) لعلمنا أن الغاية المطلوبة هي إخضاع رغبات النفس ومرادها لأوامر الشرع ، وليس المراد أن يحصل التوافق التام بين رغباتها وبين مراد الشارع ، فإن ذلك في الحقيقة أمر عسير ، إذ النفس مفطورة على اتباع الهوى والأمر بالسوء  ، فجاء الحديث ليبيّن أن اكتمال الإيمان مرهون بالانقياد للشرع ، ولم يعلّق كمال الإيمان على تغيير طبيعة النفس ، المجبولة على حب المعاصي والشهوات إلا من رحم الله . 👈ومن هنا ندرك أن مخالفة الهوى تتطلّب همّة عالية ، وعزيمة صادقة ، فلا عجب أن يكون جهاد النفس من أفضل الجهاد عند الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه ) رواه ابن النجار وصحّحه الألباني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق